الصحراء الغربية: الحرب مستمرة على الأرض وتتجه تدريجياً نحو التصعيد العسكري بعد فشل مجلس الأمن.


محمد سالم احمد

صادق، وكما كان متوقعا، مجلس الامن الدولي الجمعة 29 أكتوبر 2021 على قراره  2602 حول الصحراء الغربية، والذي يمدد بموجبه مأمورية بعثة الأمم المتحدة  للاستفتاء بالصحراء الغربية الى غاية 31 اكتوبر 2022.

نص القرار، لا يختلف في شيء عن قراره سنة 2020 ولا عن سابقه لسنة 2019 والذي عقبه أصدرت الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب بيانها الذي قررت من خلاله إعادة النظر في مشاركتها بالعملية السلمية التي تقودها الأمم المتحدة برمتها، وهو القرار الذي صادق عليه المؤتمر الخامس عشر للجبهة وأعلن التعبئة العامة وحدد أولويات المرحلة في نقطتين أساسيتين:

- تقوية الواجهة العسكرية

- ضمان متطلبات مقومات الصمود

لقد كانت رسائل الجبهة واضحة ودقيقة، لكن مجلس الأمن والأمانة العامة للأمم المتحدة أصرا على إبقاء الوضع على ما هو عليه ومواصلة النهج الذي رفضته الجبهة وعدم الاستجابة لتحذيرات الجبهة وجهات أخرى مطلعة على تطورات القضية ميدانيا وهو ما أدى الى انفجار الوضع بخرق المحتل المغربي لوقف اطلاق النار في 13 نوفمبر 2021  واستئناف الكفاح المسلح وعودة القضية الى المربع الأول ,أي الوضع قبل 6 سبتمبر 1991 مع وجود تغيير جوهري في الوضع الميداني ,من خلال احتلال المغرب لأراضي جديد وبناء حزام جديد والحفاظ على ثغرة غير شرعية مفتوحة منذ مدة دون تدخل أممي لغلقها.

استئناف الكفاح المسلح، غير الوضعية التي ظلت قائمة منذ 30سنة، وخلق معطيات جديدة على الميدان، وذلك في ظل تحولات أخرى جهوية وقارية ودولية تفرض تغيير أسلوب التعاطي مع القضية، وهو ما كان على مجلس الأمن أن يأخذه بعين الاعتبار في أي خطوة جديدة يريد أن يخطوها في تعامله مع القضية الصحراوية.

فما جديد قرار مجلس الامن 2602 الذي صادق عليه الجمعة 29 أكتوبر بعد تأجيل يومين عن موعده الذي كان محددا؟

لتقييم القرار علينا أن نعرف بعض المعطيات القائمة، يوم اتخاذ القرار.

أ‌- الوضع الميداني

- الحرب قائمة ميدانيا منذ 13 نوفمبر 2020 وتأخذ خطاها بشكل تدريجي نحو المزيد من التصعيد وقرار الجبهة واضح أن لا وقف لإطلاق النار قبل جلاء آخر جندي مغربي  من ترابنا الوطني.

- الوضع الحقوقي جد،  متدهور وفي وضع غير مسبوق بالأراضي المحتلة من ترابنا الوطني

- قناعة تامة لدى الشعب الصحراوي بأن 30 سنة من التعاطي والانتظار وتواطؤ الأمم المتحدة لن تتكرر على الاطلاق ومهما كلف ذلك من  ثمن وتضحيات.

- الوضع لم يبق كما كان عليه إبان وقف إطلاق النار في 6 سبتمبر 1991 ,هناك ثغرة غير شرعية بالكركرات وطريق لنهب الثروات الطبيعية الصحراوية، وهناك أراضي جديدة تم احتلالها وجدار جديد ممد بقرابة 20 كلم. 

ب‌- الوضع الجهوي

- العلاقات الدبلوماسية الجزائرية -المغربية مسدودة  ولا مجال لحل في الأفق بسبب تورط المغرب في أعمال تخريب ومس من الأمن القومي الجزائري وبمؤسسات الدولة الجزائرية ووحدتها الترابية.

- توتر العلاقات الجزائرية – الفرنسية بسبب تدخل فرنسا في الشؤون الداخلية للجزائر ودور الجزائر القوي في المنطقة التي تدخل مجال مصالح فرنسا التوسعية الاستعمارية.

- موريتانيا تصر على الالتزام بالحياد والوقوف على نفس المسافة بين الطرفين

- الوضع في مالي في تصاعد مستمر ودور فرنسا لم يتضح بعد رغم رفض دولة مالي لتواجدها وتأثير التقارب الجزائري المالي على هذا التواجد.

- الوضع في الساحل والصحراء في تصعيد متواصل وظهور العمليات الانقلابية مجددا مما يهدد بمزيد من التوتر.

ت‌- وجود بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية، أصبح وجودا شكليا وبدون مردودية.

- عندما أعلن المغرب رفضه للاستفتاء سنة 2000 أصبح دور المكون السياسي والإداري للبعثة فارغا وبدون جدوى.

- مع استئناف الكفاح المسلح في 13 نوفمبر 2021 أصبح دور المكون العسكري للبثعة اجوفا وبدون دور.

- البعثة مجردة من مهمة مراقبة وحماية حقوق الانسان

ومنه فإن مجلس الأمن عليه أن يعترف بفشله ويعي أن البعثة موجودة فقط شكليا وبدون دور ولا مهمة، ومنه فتمديد مأمورية البعثة هو من باب المغالطة والتضليل الدولي وتبرير تبذير للأموال الاي  من المهم استثمارها فيما يفيد الأمن والسلم، أو على الأقل لحماية ومراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية المحتلة.

-  أساليب البحث عن الحل

-  مخطط الأمم المتحدة للاستفتاء مات سنة 2000 عندما أعلن المغرب رفضه بعد نشر القوائم المؤقتة للمصوتين في الاستفتاء.

- مخطط السيد بيكر رفضه المغرب سنة 2004

- انسحب المغرب من المفاوضات التي دعا اليها مجلس الأمن أبريل 2007  من الجولة الرابعة بعدما فشل في فرض مقترحه للحكم الذاتي شرطا وقاعدة وحيدة للتفاوض

- فشل  الطاولات المستديرة التي اعتمدها السيد كوهلر إذ  لم تكن لها أهداف محددة ولا جدول أعمال محدد.

فما هو الحل السحري الذي يريده مجلس الأمن ويشترط له أن يكون متفق عليه وواقعي وقابل للتطبيق ويأخذ بعين الاعتبار ما تم تحقيقه (ولا أحد يرى شيئا تحقق) منذ 2006 ويكون سلميا وعادلا؟؟

د-  مهمة المبعوث الشخصي

-  فشل المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة السيد جيمس بيكر صاحب الخبرة الكبيرة ووزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية سابقا، وكان واضحا أن ذلك بسبب عرقلة الاحتلال المغربي وفرنسا وحتى الإدارة الأمريكية آنذاك لمساعيه.

-   فشل المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة السيد فان فالسوم بسبب  عرقلة المحتل المغربي وفرنسا اللتان أرادا إرغامه على البحث عما يسميانه الواقعية السياسية وفرض الأمر الواقع والبحث عن سبيل وطريقة منافية للشرعية الدولية لتشريع الاحتلال.

- فشل الدبلوماسي المحنك السيد كريستوفر روس، وفي تدوينة له الأسبوع الماضي أكد وبصريح العبارة أن المغرب عرقل مهامه وأعاق التقدم في العملية السلمية وحال دون حماية حقوق الإنسان مشيراإلى فرنسا دون ذكرها في القوة التي تقف وراء المحتل.

- فشل  الرئيس الألماني السابق السيد كوهلر وكانت إعاقة المغرب وفرنسا ومجلس الأمن والأمانة العامة للأمم المتحدة واضحة أمام عرقلة مهامه.

- اليوم يأتي السيد دي مستورا، فماذا سيفعل هذا المبعوث مما لم يفعله سابقوه، وبماذا سيأتي خصوصا أن قرار مجلس الأمن 2602 الذي صادق عليه الجمعة، قرار أجوف فارغ، يظهر بشكل صريح أن مجلس الأمن يدفع نحو مزيد من التوتر واللا استقرار في المنطقة ويدفع نحو اغراقها في بحر دم لانهاية له ويحكم على وساطته بالفشل قبل بدايتها.

أمام هكذا وضع، وأمام تمادي مجلس الأمن من خلال قراره 2602 فإن الشعب الصحراوي عليه أن يرمى بأوراق جديدة على الساحة الى جانب الأوراق التي يتوفر عليها والتي تتمثل في:

- تصعيد الحرب إلى مستويات أكثر فاعلية والانتقال من مرحلة الأقصاف إلى مرحلة الهجوم والعمل على غلق ثغرة الكركرات بالقوة.

- إعادة صياغة السياسة المنتهجة اتجاه نضالات جماهيرنا بالأرض المحتلة ومدن جنوب المغرب من محاميد الغزلان الى الداخلة والارتقاء بالفعل الميداني  واستغلال ما يتيحه القانون الدولي الإنساني لتفعيل المعركة القانونية على مستوى المحاكم الأوروبية في مجال حقوق الانسان.

- استغلال بنود القانون التأسيسي للاتحاد الافريقي والميثاق الافريقي لحقوق الاسنان والشعوب لتوقيع اتفاقيات دفاع مشترك أساسا مع جنوب افريقيا، الجزائر، كينا ونيجيريا.

- موقف الاتحاد الإفريقي وأساسا قرار مجلس السلم والأمن في مارس الماضي ودعم ذلك بتفعيل دور المحاكم الإفريقية فيما يتعلق بموضوع حقوق الانسان والثروات الطبيعية وموضوع فتح القنصليات.

- مواصلة المعركة القانونية والتوجه نحو محكمة العدل الدولية في لاهياي بالاعتماد على رأيها الاستشاري في 16 أكتوبر 1975 للتضييق على مجلس الامن وإعادة الملف الى الجمعية العامة للأمم المتحدة والضغط من أجل إيفاد بعثة لتقصي الحقائق على غرار بعثة 1975.

- تركيز العمل الدبلوماسي للحصول على اعترافات جديدة والعمل على طلب العضوية بالأمم المتحدة لتحويل الصراع على مستواها إلى صراع بين دولتين على غرار الاتحاد الافريقي.

- استغلال قرار محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي لرفع دعاوى بإسبانيا وجرها لتتحمل مسؤولياتها القانونية إزاء الشعب الصحراوي كقوة مديرة واخراج ملف جرائم الحرب المرتكبة خلال تواجد اسبانيا ضد صحراوين حاملين للجنسية الاسبانية.

- رفض التفاوض مع المغرب على أساس قرار محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي وطلب التفاوض مع إسبانيا؛ القوة المديرة للإقليم، لكون المغرب قوة احتلال لاشرعية حسب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3437 لسنة 1979.