الولايات المتحدة الامريكية، فرنسا، اسبانيا والصحراء الغربية


بقلم محمد سالم احمد.

الجزائر العاصمة، (ECSAHARAUI).- لا يخفى على احد ان قضية الصحراء الغربية قضية تصفية استعمارمسجلة على قائمة الدول والشعوب المستعمرة لدا الأمم المتحدة منذ سنة 1963, وهو الوضع القانوني الذي لايزال قائما حتى اليوم عززته قرارات عدة من الأمم المتحدة التي تحدث سواء على مستوى الجمعية العامة او مجلس الامن على حق الشعب الصحراوي في تصفية الاستعمار والتي تتم حسب ميثاق الأمم المتحدة على أساس قرار الجمعية العامة 1415 من خلال استفتاء لتقرير المصير تنظمه وتشرف عليه الأمم المتحدة وهو القرار الذي بني عليه مخطط التسوية الاممي الذي دخل حيز التنفيذ في 6 سبتمبر 1991 بوقف اطلاق النار والشروع في عملية تحديد الهوية.
 
فالقضية واضحة قانونيا من خلال الراي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية ومن خلال قرارات الأمم المتحدة واساسا القرار 3437 لسنة 1979 الذي يؤكد ان المغرب قوة احتلال، والمطلوب عملية تصفية استعمار سهلة من حيث التنظيم لان الشعب الصحراوي قليل العدد ولا يتطلب كل هذا الوقت ,لكن ما السبب في كل هذه الحقود وهذه التعقيدات والمصاعب؟

لماذا تنظم استفتاءات وتصفى استعمارات من عدة من مناطق من العام ولا يحدث نفس الشي بالصحراء الغربية؟

لماذا كل بؤرالتوتر والحروب والنزاعات تحظى بتغطية إعلامية وافية وشافية وأكثر من كافية ويعتم على الامر في الصحراء الغربية وعلى الحرب في الصحراء الغربية؟

لماذا يركب المنتظم الدولي الجديد على ملفات حقوق الانسان ويجعلها مطية لتصفية أنظمة ومعاقبة أخرى وتفكيك أخرى ولا يحظى ملف حقوق الانسان بالصحراء الغربية باي اهتمام؟

الجواب واضح منذ البداية 

فامريكا هينري كيسجنر وفرنسا فاليري جيسكار ديستان واسبانيا الملك اخوان كارلوس سنة 1975 هي أمريكا بايدن وفرنسا ماكرون واسبانيا شانشيز اليوم, لا شيء تغير.

- هم من حكموا على الشعب الصحراوي، او على الاصح ال 20 او 30 شخص الذين لا يعرفون اين يعيشون حسب تعبير هينري كيسينجر. بالإبادة والفناء.

- هم من خططوا للمسيرة السوداء ومولوها وشاركوا فيها.

- هم من خططوا للاجتياح العسكري وسلحوه ودعموه.

- هم من نفذوا اتفاقيات مدريد الثلاثية وعطوا عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا عملية الاحتلال.

- هم من دعموا المغرب عسكريا بالأسلحة والعتاد والخبراء بل وتدخلت فرنسا بطائراتها من قاعدتا في دكار ضد مقاتلينا.

- هم من خططوا وجهزوا ونفذوا خطة جدار الذل والعار.

- هم من خطط لمخطط التسوية الأممية من اجل سحب البساط امام طموحات وإرادة الشعب الصحراوي وخلقوا لتسييره ما يسمى مجموعة أصدقاء الصحراء الغربية التي تعد قرارات مجلس الامن بشكل منفرد وتلاعبوا في كل مرة بعباراته ومصطلحاته في خطوات تهدف بشكل ممنهج على اخراج القضية الصحراوية عن وضعها القانوني كقضية تصفية استعمار.

- هم من فرضوا توسيع قاعدة الناخبين لتعويم العملية التي كانت ابسط مما يتصور الجميع.

- هم من سيطرة على قسم حفظ السلام بإدارة الأمم المتحدة ليتحكم في مهمة بعثة الأمم المتحدة من اجل الاستفتاء بالصحراء الغربية وتسييرها حسب ارادتهم وابقائها مجردة من مهمة مراقبة وحماية حقوق الانسان في وضع شاذ عن بقية بعثات حفظ السلام.

- هم من عين جيمس بيكر وارسله الى الحسن الثاني ليعمل على تشريع احتلاله للصحراء الغربية.

- هم من امر البيدق المغربي من رفض خطة بيكر الثانية.

- هم من اعد وأشرف على التسويق لمقترح الحكم الذاتي وعملوا على ارغام الجبهة على قبوله.

- هم من خطط للمفاوضات بدون شروط مسبقة وحثوا المغرب على افشالها وافشلوا مهام كافة المبعوثين الاممين من بيكر مرورا بفان ويلسن وروس وانتهاء بكوهلر ويعيقون اليوم عمل ديمسيتورا.

- هم من أفشل كل شيء وغطى على جرائم الاحتلال وغطى على انتهاكاته لحقوق الانسان ولوقف إطلاق النار ولكل شيء ودفعوا نحو استئناف الكفاح المسلح ووقفوا في وجه أي قرار ادانة للاحتلال.

بل هم من يعمل جادا على جعل القضية في طي النسيان ومنع الاعلام العالمي من تغطيتها ووجه المنظمات الحقوقية الى تهميشها بل وقروا بكل وقاحة إخفاء ومنع نشر تقرير بعثة المفوضية السامية لحقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة التي لم تستطع إخفاء الوضع الكارثي لحقوق الانسان بالمناطق المحتلة.

لقد كانت فرنسا صريحة منذ البداية وتدخلت بطائراتها الى جانب الجيش المغربي وظلت ترافع عنه وتحميه بشكل علني،لكن الولايات المتحدة الامريكية ظلت تعمل في خفاء حتى ديسمبر 2020 لتخرج للعلن وتدعم الاحتلال على لسان الرئيس ترامب ,وبقية اسبانيا العميلة في الظل تلعب دور العميل بامتياز حتى تصريح شانشيز سهر مارس الماضي.
 
وفي الحقيقة لا الرئيس ترامب ولا رئيس الحكمة شانشيز جاء بالجديد كون الموقف هو ذات الموقف من البداية، فالدول الثلاثة لا تريد قيام دولة في الصحراء الغربية، ولا تريد ان يتمكن الشعب الصحراوي من حقه في تصفية الاستعمار حتى ولو كلفهم ذلك، كما فعلوا فعلا، ضرب القانون الدولي والشرعية الدولية وكل القيم التي بني عليها النظام العالمي الجديد.
 
وهو ما جاء بشكل غير مباشر في تصريح للرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز. الغريب انه وعندما نطلع في ثوابت السياسة الخارجية للولايات المتحدة الامريكية وفرنسا بالأساس نتفاجأ حقيقة من موقف الدولتين من القضية الصحراوية.
 
فالولايات المتحدة الامريكية  البلد العضو الدائم بمجلس الامن منذ تأسيس الأمم المتحدة , سيدة النظام العالمي الجديد ومركز القوة العالمية  والفاعل الرئيسي في السياسة الدولية وزعيمة العولمة واغنى دولة في العام وصاحبة اقوى جيش وثقافتها الأكثر نفوذا و تستند ثوابت سياستها الخارجية على قيم محددة عمادها إلى قيم: الديمقراطية والسوق الحرة وسيادة القانون و أولوية حقوق الإنسان و الدفاع عن الأمن العالمي ، الدولة الميالة  للحلول الوسط التي تنال رضا معظم الأطراف،  من خلال المفاوضات والاتفاقيات الدولية  وتعمل على العمل المشترك تحت المظلة الدولية ورعاية المؤسسات الدولية المشتركة كالأمم المتحدة ومن أهدافها الرسمية المعلنة أيضا بناء ودعم عالم أكثر ديمقراطية وأمنًا وازدهارًا لصالح الشعب الأمريكي والمجتمع الدولي.

 وفرنسا مهد الديمقراطية وحقوق الانسان وسيادة القانون، العضو المؤسس لمنظمة الأمم المتحدة والبلد الدائم العضوية في مجلس الأمن والمحرك الرئيس في الدفاع عن القانون الولي والشرعية الدولية المدافع عن إعطاء الأمم المتحدة دورًا طموحًا وفعّالًا يقوم على القانون الدولي وتوافق الآراء المعارضة للجوء الأحادي الجانب إلى استعمال القوة في خلال الأزمة العراقية في عام 2003، ودافعت عن تولي الأمم المتحدة دورًا مركزيًا في هذه الأزمة.

فرنسا التي تلتزم رسميا على مكافحة انتهاكات حقوق الإنسان أينما ارتكبت، وتحارب إفلات منتهكي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني من العقاب، والاحتجاز التعسفي، والاختفاء القسري، وتدافع عن احترام حقوق المرأة، ومكافحة تجنيد الأطفال، وكذلك مكافحة التمييز المستند إلى الميل الجنسي والهوية الجنسانية. وساهمت بشكل كبير في إنشاء المحكمة الجنائية الدولية وكانت في طليعة الدول التي صدّقت على نظامها الأساسي.

لكن الاغرب هو ما الذي يجعل دولتين بقد كبر وسمعة الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا وذيلهم اسبانيا تضرب مصداقيتها وثوابت واسس مكانتها الدولية من اجل الصحراء الغربية؟

الاحتمال الأول 

هل يهمهم المغرب أكثر مما تهمهم العراق والسعودية والكويت والامارات ومصر وغيراها؟ ان له قوة قادرة على مجابهة العالم وفرض ارادته على الجميع وهو غير القادر حتى على حل ومجابهة مشاكله الداخلية؟ ام انه اقوى واهم استراتيجيا من العراق التي طردت بالقوة من الكويت وعوقبت باشد وسائل العقاب الدولي؟ فلا المغرب قوة اقتصادية ولا المغرب قوة سياسية ولا المغرب بلد ديمقراطي وهو الذي لا يعدو عن دولة من ورقة ظاهراها دولة وباطنها نظام مخزني من القرون الغابرة .

وهذا الاحتمال ضئيل الحظوظ إذا ما راجعتنا تجارب الدولتين مع أنظمة سابقة والتي كانت كلها فاشلة: من شاه إيران وصدام حسين وحسني مبارك وزين العابدين بن اعلي وغيرهم ولا يمكن للدولتين المراهنة على دولة مهددة بالانفجار في اية لحظة مثل المغرب.

الاحتمال الثاني.

هل الحرب الباردة او حرب اقطاب جديدة على الأبواب ولذا حلف الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا واسبانيا تخوف من الجزائر وروسيا والصين؟

لكن ساحة هذين الحربين اقوى واشد في الشرق الأوسط وبحر قزوين وفي ليبيا ومالي والجولان  من الصحراء الغربية.

الاحتمال الثالث, يبقى هو الأرجح , ان ثروات الصحراء الغربية أكثر وأكبر واهم بكثير مما هو معلن اليوم؟

على العموم نحن امام حالة استثنائية في الصحراء الغربية بكل المقاييس: حق تقرير المصير يهضم, القانون الدولي يداس,  القانون الدولي الإنساني يغيب, الشرعية الدولي تنتهك, قرارات الأمم المتحدة لا تطبق , العهد الدولي لحقوق الانسان يمزق, الاعلام الدولي يغيب, المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان تغمض اعينها  وبعثة أمم متحدة معطلة مهامها ومجرد من مهمة مراقبة وحماية حقوق الانسان.

وامام هذا الاستثناء على الشعب الصحراوي ان يعرف ان الطريق الوحيد لتحقيق ارادته واستعادته حقوقه هو الكفاح المسلح, فهو الوحيد الذي ليس له ما يخسره، ارضه محتلة، شعبه مشرد، ثرواته منهوبة، والحرب اليوم حرب وجود وضد كبار ازاحوا الأقنعة عن وجوههم البائسة.

عليه ان يعتمد على ذاته وحلفائه والقانون الدولي والشرعية الدولية ويفرض احترام ارادته بكل الطرق المتاحة ويرمي بكل أوراقه على الطاولة ويوظف الأوراق جملة لدعم الكفاح المسلح: ورقة المعركة القانونية وتوظيف المحاكم الأوروبية لجرجرة اسبانيا وارغامها بقوة القانون على تحمل مسؤولياتها، توظيف المحاكم الأمريكية ولما لا اللجوء الى محكمة العدل الدولية .

الاستغلال الأمثل وبأساليب جديدة لورقة حقوق الانسان. استغلال ما يتيحه القانون التأسيسي للاتحاد الافريقي والميثاق الافريقي لحقوق الانسان والشعوب وتوظيف العلاقات الثنائية مع الحلفاء لتوقيع معاهدات الدفاع المشترك حتى ولو تطلب الامر الضغط لمطالبة الاتحاد الافريقي في الحرب كما يسمح بذلك القانون التأسيسي للاتحاد.