رسالة الرئيس إبراهيم غالي إلى الأمين العام للأمم المتحدة

بئر لحلو، 16 نوفمبر 2021 (ECSAHARAUI)





السيد أنطونيو غوتيريش

الأمين العام للأمم المتحدة

الأمم المتحدة، نيويورك

بئر لحلو، 16 نوفمبر 2021


إنه لمن دواعي الشعور بالإلحاح والقلق الشديد أن أكتب إليكم من جديد لأعبر عن إدانتنا القوية للجريمة البشعة التي ارتكبتها دولة الاحتلال المغربية نهار أمس في حق الناشطة الحقوقية سلطانة سيد إبراهيم خيا وعائلتها في مدينة بوجدور في المناطق الصحراوية الواقعة تحت الاحتلال المغربي غير الشرعي.

ففي إطار حملة الترهيب والبطش الأعمى المستمرة ضد عائلة سيد إبراهيم خيا بمدينة بوجدور المحتلة، قامت عناصر مقنعة من قوات الأمن المغربية فجر 15 نوفمبر 2021 باقتحام المنزل من جديد وتعريض أفراد العائلة لأفعال وفظائع يندى لها الجبين، حيث تعرضت الناشطة الحقوقية سلطانة سيد إبراهيم خيا للضرب الوحشي والاغتصاب على أيدي مجرمي دولة الاحتلال في حين تعرضت أختها الواعرة وأمها المسنة للتحرش الجسدي ولممارسات همجية ومهينة. ولم تكتفِ عناصر الأمن المغربية بهجومها الهمجي على أفراد العائلة، بل عمدوا أيضا إلى تكسير أبواب المنزل والعبث بكل محتوياته واتلافها بما فيها من مواد غذائية بهدف إجبار العائلة على مغادرة منزلها.

وكما أشرنا في رسائلنا السابقة، فإن منزل عائلة سيد إبراهيم خيا في مدينة بوجدور المحتلة لا يزال تحت الحصار منذ 19 نوفمبر 2020 حيث تواصل سلطانة وشقيقتها الواعرة رفع العلم الوطني للجمهورية الصحراوية يومياً فوق منزلهما كعمل من أعمال المقاومة السلمية ضد الاحتلال المغربي غير الشرعي. ولذلك تتعرض الشقيقتان وعائلتهما يومياً للاعتداء الجسدي والتحرش الجنسي وغيره من ضروب المعاملة الهمجية والمهينة على أيدي رجال الأمن المغاربة والبلطجية التابعين لدولة الاحتلال.

إن هذه الجريمة البشعة الجديدة التي تضاف إلى سجل جرائم دولة الاحتلال المغربية في حق عائلة سيد إبراهيم خيا الصامدة وفي حق كافة الشعب الصحراوي هي عمل جبان وخطير ويستحق الإدانة الشديدة من طرف كل أصحاب الضمائر الحية والمدافعين عن قيم العدالة والسلام والكرامة الإنسانية في العالم.

وإننا لندعوكم من جديد، السيد الأمين العام، وندعو مجلس الأمن إلى العمل على وجه السرعة لإنقاذ سلطانة سيد إبراهيم خيا وعائلتها من بطش وإرهاب دولة الاحتلال المغربية ولتوفير الحماية لجميع الناشطين الصحراويين الآخرين في مجال حقوق الإنسان والسجناء السياسيين الذين يقبعون في سجون دولة الاحتلال في ظروف غير إنسانية.

وكما أكدنا كذلك في مراسلات سابقة، فإنه ما كان لدولة الاحتلال المغربية أن تتمادى في بطشها وترهيبها للمدنيين الصحراويين ونشطاء حقوق الإنسان في المناطق الصحراوية المحتلة، وفي منأى تام عن العقاب، لولا تسامح الأمم المتحدة والمجموعة الدولية وصمتهما المخزي ولامبالاتهما أمام جرائم دولة الاحتلال وانتهاكاتها المستمرة لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وللقيم والقواعد الأخلاقية الأساسية.

السيد الأمين العام،

في الوقت الذي ندين فيه بأشد عبارات الإدانة هذه الجريمة الجديدة في حق الحقوقية سلطانة سيدي إبراهيم خيا وعائلتها، فإننا نعبر أيضاً عن استنكارنا ورفضنا المطلق لصمت الأمم المتحدة وهيئاتها المعنية الذي بلغ حد التواطؤ بحكم أن بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) موجودة على الأرض في الإقليم منذ 1991، ولكنها لم تحرك يوماً أي ساكن ولم تعمل حتى كشاهد على جرائم دولة الاحتلال أمام الرأي العام الدولي.

وبالنظر إلى كل ذلك، فإنه ليحق للشعب الصحراوي ولكل أصحاب الضمائر الحية اليوم أن يتسألوا عما هي جدوى بعثة أممية لا ترى ولا تسمع ولا تنطق في إقليم للأمم المتحدة المسؤولية الكاملة تجاهه وتجاه شعبه كما تؤكد على ذلك الجمعية العامة كل سنة في قراراتها بشأن الصحراء الغربية كإقليم خاضع لعملية تصفية استعمار.

فإلى متى إذاً والأمم المتحدة والمجموعة الدولية تأخذان دور المتفرج على الترهيب والتعذيب وجرائم الاغتصاب والحصار والدوس بالأقدام على الحقوق والكرامة الإنسانية في المناطق الصحراوية المحتلة، أم هل الصحراويون أقل إنسانيةً من غيرهم من الشعوب التي ماتزال ترزح تحت نير الاستعمار والاحتلال الأجنبي؟

مين العام،

إن عدم القيام بأي فعل حاسم من قبل الأمم المتحدة وهيئاتها المعنية في وجه الجرائم البشعة التي ترتكبها يومياً دولة الاحتلال المغربية في المناطق الصحراوية المحتلة لم يكن ولن يكون أبداً سبيلاً إلى تحقيق السلام العادل والدائم في الصحراء الغربية، بل إن ذلك هو الطريق المؤدي حتماً لمزيد من المعاناة وويلات الحروب التي قد تعصف بأمن واستقرار المنطقة بأسرها.

وكما أكدنا مؤخراً، فإذا كان قرار مجلس الأمن الأخير 2602 (2021) قد حكم مسبقاً بالفشل على مهمة المبعوث الشخصي الجديد للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية، لما عكسه نص القرار من تقاعس وصمت مؤسف من قبل مجلس الأمن، وخاصةً بعض الأعضاء المؤثرين منه، فإن مواصلة دولة الاحتلال المغربية لجرائمها البشعة في حق المدنيين الصحراويين، وبمنأى عن أي محاسبة أو عقاب، يقوض بشكل خطير آفاق عملية السلام من أساسها ويوصد الباب أمام الحل السلمي المنشود.

وعليه فإن جبهة البوليساريو لن تقف مكتوفةالأيدي وستتخذ ما يلزم من قرارات للتصديلجرائم دولة الاحتلال المغربية التي تتحملالمسؤولية الكاملة عما قد تقود إليه حربهاالعدوانية ضد شعبنا من عواقب على السلموالاستقرار في المنطقة بأسرها.

وأرجو ممتناً توجيه انتباه أعضاء مجلس الأمن إلى هذه الرسالة.

وتقبلوا، السيد الأمين العام، أسمى عبارات التقدير والاحترام.

إبراهيم غالي

رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية

الأمين العام لجبهة البوليساريو.