الشعب الصحراوي بين الإحتلال المغربي والقمع والمنفى والحرب.

مدريد، 9 يوليو 2021 (ECSAHARAUI)

لقد كان عام 2020 بلا شك عامًا إستثنائيا بكل المقاييس بسبب وباء Covid-19 العالمي الذي أثر على حياة العالم بأسره، فقد عاش الناس حياتهم بنوع من النأثر بطريقة أو بأخرى، وكانت الخسائر البشرية وما زالت مرتفعة في كل الدول. كما مثل هذا العام تغييرًا جذريًا في المشهد السياسي الدولي بسبب سياسات الرئيس الأمريكي السابق، ليس فقط في الشرق الأوسط، ولكن في علاقاته مع الصين التي تفاقمت وتوترت أحيانًا بسبب الإتهامات التي أطلقها ضد الحكومة الصينية، بخصوص مسؤوليتها في إنتشار الفيروس الذي وصفه بـ "الفيروس الصيني" ناهيك عن التوترات اللامتناهية مع إيران وكوريا الشمالية ومع العدو الكلاسيكي اللدود روسيا.




من الواضع أن تلك السنة لم تكن سنة سهلة بل كان عامًا معقدًا أكثر من المتوقع من جميع النواحي وسط الكثير من الكوارث والفوضى، هنا قد يتساءل المرء، وماذا عن الصراع في الصحراء الغربية؟




الإحتلال العسكري غير الشرعي


بالضبط خمسة وأربعون عامًا مرت منذ أن تخلت إسبانيا عن ما لا يزال حتى يومنا هذا آخر مستعمرة في إفريقيا، الصحراء الغربية، كان ذلك في 14 نوفمبر 1975 عندما إلتقت إسبانيا في مدريد بوفد مغربي ومن ناحية أخرى، وفد من الحكومة الموريتانية، كان الغرض واضحًا، للمضي قدمًا في بيع الصحراء الغربية من قبل إسبانيا لهذين البلدين، وقد تجسد هذا البيع في الإتفاقية الثلاثية غير القانونية (إتفاقية مدريد).




كان توقيع هذه الاتفاقيات بمثابة بداية الدراما والحرب والإبادة الجماعية التي عاشها الشعب الصحراوي وما زال يعيشها، لقد مرت خمسة وأربعون عامًا وما زالت إسبانيا ترفض تحمل مسؤوليتها التاريخية تجاه الصحراويين، وغير مهتمة بعملية إنهاء الاستعمار التي لا تزال الصحراء الغربية تنتظرها بإشراف من الأمم المتحدة. لكن اللافت للنظر أيضًا هو أنه في هذه السنوات الخمس والأربعين لم تتمكن الأمم المتحدة ولا المجتمع الدولي من تغيير وضع الشعب الصحراوي، ولم يتمكنوا من دفعي طرفي النزاع والجهات الأخرى المسؤولة قانونيا إلى التوصل لحل عادل يضمن تقرير مصير للشعب الصحراوي وعدوتهم إلى أرضهم وإختيار مستقبلهم، بدلا من الصمت والتواطؤ والإنحياز لرغبات المغرب وهوسه بمواصلة إحتلاله غير الشرعي للصحراء الغربية ونهب الموارد الطبيعية للإقليم وانتهاك أبسط الحقوق الأساسية للسكان الصحراويين.




العيش في مخيمات للاجئين و المنفى، وظروفهم الصعبة


يعيش الشعب الصحراوي منقسمًا، جزء في أراضي الصحراء الغربية التي يحتلها المغرب والنصف الآخر في مخيمات اللاجئين في جنوب الجزائر منذ أكثر من أربعة عقود في وضع مأساوي في واحدة من أكثر الصحاري قسوة في العالم، هنا إمتزج الوضع الصعب والمفاجئات التي جاء بها العام 2020 كونه من أكثر الأعوام تعقيدًا خاصة على اللاجئين الصحراويين وما سببه إنتشار الجائحة من تأثير على المساعدات الإنسانية التي تقلصت وكذا في عودة أغلب عمال إغاثة دوليين إلى بلدانهم.




لقد عانى الشعب الصحراوي من ظروف معقدة حقًا خلال العقود الأربعة الماضية في المنفى، ولكن بعيدًا عن محاولة تدمير شعبنا، لم تكن هذه الصعوبات أكثر من حافز لشعبنا للإستمرار في المطالبة بحقوقه المشروعة بقوة أكبر من أي وقت مضى.





إن المنفى هو أيضًا وسيلة لمحاولة إبادة شعبنا، فقد إستخدمت المملكة المغربية حجة "لا حل، كحل" في محاولة فرض المنفى على شعبنا وإرغامه على الرضوخ للأمر الواقع ضدًا في إرادته للقتال من أجل الشرعية والحق في الإستقلال الذي يتحمل المجتمع الدولي والأمم المتحدة مسؤوليته.




القمع المغربي ضد المدنيين الصحراويين


نصف الصحراويين الذين لا يعيشون في الأراضي المحتلة، لم يكن لديهم حظ أفضل، لم يتمكنوا من الفرار من الغزو المغربي الذي سيطر على الأراضي والمدن الصحراوية الرئيسية في عام 1975، مئات الآلاف من الصحراويين الذين بقوا هناك كان عليهم أن يتحملوا التعايش ليس فقط مع المستوطنين المغاربة الذين جلبوا بالمئات إلى الصحراء الغربية، ولكن التعايش مع القمع والسجن والقتل وغيرهم من جرائم ضد الإنسان وجرائم الحرب، التي أكدتها منظمات دولية مرموقة مثل هيومن رايتس ووتش، منظمة العفو الدولية وهيئات وآليات تابعة للأمم المتحدة.




مثل المنفى، يسعى نظام الإحتلال المغربي بهذا القمع الوحشي لإسكات الشعب الصحراوي الذي يعيشون تحت نيره ولكن دون أي نجاح،حيث تمكن عشرات النشطاء الصحراويين من مغادرة الأراضي المحتلة للإطلاع العالم عن سوء المعاملة والقمع الذي يعانون منه على أيدي النظام المغربي، فلم تخلوا عواصم العالم من سرد التجارب الشخصية للنشطاء في السجون السرية المغربية، وفظاعة التعذيب الذي تعرضوا له على يد الجلادين المغاربة، وعن مأساة الصحراويين الذين لم يتمكنوا من مغادرة تلك السجون.




لكن ورغم حملات التحسيس والقرارات والتوصيات من منظمات حقوقية وهيئات الأمم المتحدة، يواصل نظام الإحتلال قمع السكان الصحراويين في الأراضي المحتلة من الصحراء الغربية، حتى يومنا هذا لا يزال عشرات السجناء السياسيين الصحراويين يقضون عقوبات لا نهائية في السجون المغربية، كما لم يتم الكشف عن العشرات من الصحراويين المختفين ذنبهم الوحيد هو المطالبة بحقهم المشروع في الوجود على أرضهم والمطالبة سلميا بصحراء حرة ومستقلة وطرد الاحتلال المغربي.




حرب الصحراء الغربية


على الرغم من معاناة الاحتلال والنفي والقمع ووعود الأمم المتحدة ، إختار الشعب الصحراوي طريقة سلمية للتوصل إلى حل عادل للنزاع في الصحراء الغربية، ووضع ثقته في الامم المتحدة والمجتمع الدولي، والمبعوثين الخاصين، ومينورسو، إلخ… وتحمّل أسوأ الظروف وأصعبها سواء في المنفى أو في الأراضي المحتلة كفاتورة السلام.




اليوم وبعد ما يقرب من 30 عامًا، كانت النتيجة خيبة أمل وإرهاق، فلا الأمم المتحدة ولا المجتمع الدولي قادرين على تقديم شيء لإيجاد حل حل نهائي للنزاع، حتى القوى الدولية الكبرى مثل فرنسا والولايات المتحدة أظهرت إنحيازها إلى الإحتلال وسياسة نهب موارد الإقليم والعداء للصحراويين.




في 13 نوفمبر 2020، أطلق الجيش الملكي المغربي النار على مجموعة من المدنيين الصحراويين كانوا يحتجون على الحدود الجنوبية للصحراء الغربية بمنطقة الكركرات، وكان هذا العمل بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس، أرغمت جبهة البوليساريو، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي، الرد على هذا الهجوم بإصدار أوامر للجيش الشعبي الصحراوي ببدء عمليات عسكرية ضد العدوان المغربي، وعودة الحرب من جديد إلى الصحراء الغربية بعد 30 عامًا من توقيع الإتفاقيات التي كانت تنص على وقف إطلاق النار والإمتناع عن أي عمل عسكري من قبل أي طرف ضد الآخر، والتي إلتزام بها الطرف الصحراوي رغم الوعود الكاذبة لأكثر من ثلاثة عقود من "السلام الزائف" إلى درجة فقدان غالبية الصحراويين للثقة في الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.




الآن وبعد مرور عقود من تواجد بعثة الأمم المتحدة على الأرض وفشلها الذريع في تأدية واجبها في تطبيق قرار مجلس الأمن 690 أي تنظيم إستفتاء تقرير المصير وضياع فرصة السلام. الشعب الصحراوي وممثله الشرعي والوحيد جبهة البوليساريو، مصممون الآن أكثر من أي وقت مضى على تحرير ما تبقى من الأراضي الوطنية وبسط سيادة الجمهورية الصحراوية بالخيار المتبقي الرقة وحمل السلاح في وجه التوسع المغربي.