مقال للرأي: أنطونيو غوتيريش والتمييز البغيض في الصحراء الغربية

 مدريد، 29 سبتمبر 2020 (ECSAHARAUI)


حدمين مولود سعيد

عندما وقّعت جبهة البوليساريو والمملكة المغربية في عام 1991 على وقف إطلاق النار، تحت رعاية الأمم المتحدة، كان المغرب قد شيد جدارا عسكريا حصينا في الصحراء الغربية، من أقصى الشمال الشرقي إلى المحيط الأطلسي في أقصى الجنوب الغربي من الصحراء الغربية، حينها كان لدى المغرب نقطة تفتيش تقع على بعد أكثر من 15 كيلومترًا شمال موقعها الحالي.

بموافقة بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) وفي انتهاك صريح لوقف إطلاق النار، كان المغرب يستولي على المزيد والمزيد من الأراضي حتى تحديد نقطة التفتيش في المكان الحالي، أي على بعد أقل من خمس كيلومترات من الحدود الموريتانية.

بالفعل وفي عام 2001، عندما بدأ المغرب بفتح الثغرة غير القانونية في الجدار العسكري، وبناء طريق سريع يصل إلى الحدود الموريتانية، عارضته الأمم المتحدة وبعض الدول الأعضاء. في الفقرة الخامسة من تقريره بتاريخ 04/24/2001 (S/2001/398)، يذكر الأمين العام للأمم المتحدة أن “ممثله الخاص، ويليام إيغلتون، وقائد القوات الأممية، الجنرال كلود بوز، حذروا الأطراف المدنية والعسكرية المغربية بأن مقترح إنشاء الطريق يثير قضايا صعبة، وأنشطة يمكن أن تشكل انتهاكا صريحا لاتفاق وقف إطلاق النار“. وهكذا تمكنوا من إقناع المغرب بالتخلي عن فكرة الطريق التي كان يهدف لإنشائه.

لاحقا في تقريره بتاريخ 06/20/2001 (S/2001/613)، وتحديدا في الفقرة الثامنة، يذكر الأمين العام أنه “في منتصف شهر مايو عندما تم استئناف الأعمال، قامت بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية والعديد من الدول الأعضاء بالاتصال بالسلطات المغربية وطالبتهم بإعادة تعليق بناء الطريق“.

لكن فجأة سمحت بعثة (المينورسو) للمغرب ببناء الطريق عند الطرف الجنوبي، والسماح بعبوره للأراضي الصحراوية إلى موريتانيا، بينما لم يُسمح لأي نقطة عبور أخرى للصحراويين أنفسهم بالمرور من جانب إلى جانب آخر من أراضيهم، مما أدى إلى استمرار تشتت الشعب الصحراوي لأكثر من 45 عامًا.

بعبارة أخرى، سمحت بعثة (المينورسو) للمغرب بفتح ثغرة غير قانونية في الجدار. ومنذ ذلك الحين تولت البعثة دور الحارس على نهب الموارد الطبيعية للصحراء الغربية، من خلال هذا الانتهاك غير القانوني. لسبب غير مفهوم وفي انتهاك غير مقبول للوضع القانوني للأراضي الصحراوية، فإن الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريس، أطلق على هذا الخرق “حركة البضائع العادية” كما هو مبين في عنوان ملاحظاته وتوصياته في الفقرة 83 من تقريره المؤرخ ب 10/10/2019 (S / 2019/787).

إذا كنا كما يؤكد أنطونيو غوتيريس، نتعامل مع “عبور البضائع العادية” فلماذا إذن توسط الممثل الخاص السابق ويليام إيغلتون، وقائد قوات المينورسو الجنرال كلود بوز، لدى المغرب للتوقف عن بناء هذا الطريق؟ ولماذا قامت بعض الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن بثني المغرب عن بناء هذا الطريق عام 2001؟

ما الذي حدث حتى ما كان يعد “انتهاكًا لوقف إطلاق النار” أصبح الآن “تجارة عادية للبضائع”؟. الشيء الوحيد الذي حدث هو أن السيد أنطونيو غوتيريس أصبح الأمين العام الجديد للأمم المتحدة.

وصل أنطونيو غوتيريس إلى رئاسة حكومة البرتغال في عام 1995، وشجع على تعديل الدستور البرتغالي الذي تم تبنيه، أثناء رئاسته للحكومة في عام 1997، بما في ذلك المادة التالية:

المادة 293 من الدستور البرتغالي: 

تقرير المصير والاستقلال لتيمور الشرقية

1 – البرتغال تواصل التزامها بمسؤولياتها المنسجمة مع القانون الدولي لتعزيز حق تقرير المصير والاستقلال لتيمور الشرقية.

2. من مسؤولية رئيس الجمهورية والحكومة القيام بجميع الأعمال اللازمة لتحقيق الأهداف المعبر عنها أعلاه.

إذن، ما الذي يفسر أن أنطونيو غوتيريش سخّر نفسه بشكل كامل ضد إندونيسيا وأستراليا للدفاع عن تيمور الشرقية، وفي حالة الصحراء الغربية تبنى بشكل صارخ ومفضوح الأطروحة المغربية؟ السبب الوحيد لمثل هذا الموقف هو أن التيموريين مثل غوتيريس هم مسيحيون، ومن ناحية أخرى فإن الصحراويين مسلمون. لم يسبق أن أبدى أمين عام للأمم المتحدة مثل هذه المستويات من التمييز العنصري على أساس دين الضحايا.

لكن يجب على الأمم المتحدة أن تعلم أنه لا البوليساريوولا أي جهة أخرى يمكنها الاستمرار في تعزيز ثقة الرأي العام الصحراوي، في منظمة لم تتمكن من تنظيم استفتاء لأقل من نصف مليون شخص لمدة ثلاثين عامًا، والتي تقوم بالتغطية على قوة احتلال، وانتهاكاتها لوقف إطلاق النار والسماح لها بضم المزيد من الأرض لمواصلة نهب الموارد الطبيعية للشعب المذكور.

بالنسبة للرأي العام الصحراوي، أصبح سد الثغرة غير القانونية في منطقة الكّركّرات، شرطًا لا غنى عنه لمواصلة الثقة في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

ومع الأخذ بعين الاعتبار أن الشعب الصحراوي يتمتع بالشرعية الكاملة لحمل السلاح ضد الاحتلال الأجنبي، سيكون من الضروري أيضا أن نفهم أنه عندما يحتج من خلال سد تلك الثغرة غير القانونية فإنه يتمتع أيضًا بالشرعية الكاملة.

إذا نجح المغرب في تحويل بعثة (المينورسو) إلى حارس احتلاله للصحراء الغربية والتستر على الثغرة الغير قانونية، فإن حقيقة أن الصحراويين يتظاهرون مطالبين بإغلاق هذا الخرق غير القانوني لا ينبغي أن يفهم خارج صياغه.

في نهاية المطاف فإن الشيء الوحيد الذي يطالب به الصحراويون هو تصحيح دور بعثة (المينورسو) بحيث تقوم بإغلاق هذه الثغرة غير القانونية، بدلاً من التغطية على خروقات المغرب وحمايته.

إن ملل الرأي العام الصحراوي من تواطؤ بعثة (المينورسو) فيما يتعلق بالانتهاك غير القانوني الحاصل بمنطقة الكّركّرات له دوافع تبرره، لأنه ولنزع فتيل أزمة عام 2017، انسحبت جبهة البوليساريو عسكريا من المنطقة، بعد التزام الأمم المتحدة بإرسال لجنة خبراء لدراسة وحل قضية الثغرة غير القانونية بمنطقة الكّركّرات. وبعد ثلاث سنوات ما زالت هذه اللجنة غير موجودة ولم تطأ أقدامها الأرض.

تتحمل الأمم المتحدة وأمينها العام المسؤولية الكاملة، التي قد تنجم عن إحباط وغضب شعب سئم الانتظار.