لقاء خاص مع المدافعة الصحراوية عن حقوق الإنسان آمنتو حيدار.

الناشطة الحقوقية، امنتو حيدار، شخصية العام لهذا الموقع الإخباري. في لقاء أجراه معها الزميل الطالب علي سالم، حيدر تروي قصة حياتها و معاناتها في السجون والمعتقلات المغربية.


مدريد، 04 يناير 2020. (ECSAHARAUI). لقاء خاص مع المدافعة الصحراوية عن حقوق الإنسان آمنتو حيدار. 

¿متى وما هي الأسباب التي أدت إلى بدء العمل النضالي السلمي لأمينتو حيدر؟

آمنت منذ طفولتي بحقي و حق شعبي في الحرية و اقتنعت في ريعان شبابي بضرورة الانخراط في الفعل الوطني و مرافقة شعبي في مسيرته النضالية من اجل الحرية و الاستقلال، الا ان هذا الايمان يعتبر جريمة نكراء يعاقب عليها قانون الاحتلال المغربي، حيث يحاول النظام المغربي الغازي منذ 1975 ارغامنا كشعب حر أن نتخلى عن حريتنا و ان نقبل العبودية و الإستعمار، و بسبب قناعتي هذه زج بي في مخابى سرية الى جانب العشرات بل المئات من بنات و ابناء شعبي.

عودة إلى الماضي ، ولا شك في صعوبة أن نتذكر مرحلة الأسر ... هل لا تزال امنتو تعاني من آثار التعذيب؟

اربع سنوات من الاختفاء القسري، بما فيها من ظلم و تعذيب نفسي و جسدي و حرمان لابسط الحقوق الانسانية، و ما تلاها من ملاحقات و تهديدات و تنكيل و اعتقالات ... و تضييق مستمر و تشويه في مختلف وسائل الاعلام المغربية، ناهيك عن التجاوزات الخطيرة التي مورست على ابنائي و على عائلتي عموما.


في أكثر من مناسبة تحدثتي عن الزملاء الصحراويين الذين قتلو تحت التعذيب في الأسر مثل الشاب أحمد عياش ... هلا كلمتنا عن هذا  الشاب البطل؟

الشاب الفقيد محمد الخليل عياش، مثال للشهامة الصحراوية، هذا الشاب و رغم ما تعرض له من تعذيب همجي، ظل صامدا مصمما على رفض الخضوع و الاستسلام لارادة الجلادين المغاربة، ظل رافضا تحية ملك المغربي، قائلا لهم انه لا يعنيه و ليس ملكه و ظل متشبثا بهويته الصحراوية و هو يئن تحت سياط الجلادين الذين تفننوا في تعذيبه بكل سادية الى ان اصبح جثة هامدة، ثم رموه في مرحاض مليئ بالفضلات( اعزكم الله) و شخصيا رائيته بام عيني ... و لا يمكنني نسيان ذلك المشهد المهول و المرعب! كما انني لن انسى قوة و شجاعة امه التي كانت رفقتنا و لما علمت انه لم يعد بيننا، بدلا ان تذرف الدموع، حمدت الله كثيرا أن ابنها انضاف الى قوافل الشهداء. 


هذه حالة من بين عشرات الحالات الصحراوية التي يتقطع من سماعها القلب، فهناك عائلات راحت ضحية برمتها ضحية الاختطاف و الاختفاء القسري، على سبيل المثال لا الحصر، عائلة السالك ولد عبد الصمد و عائلة اهل الليلي و غيرهم ...

بعد إطلاق سراح امنتو وبعد تعرضها للتعذيب البدني والنفسي لمدة أربع سنوات ... ما هو الدافع الرئيسي الذي دفع امنتو حيدار إلى مواصلة النضال  ليشمل الساحة الدولية؟

في سنة 1991 اطلق سراحنا، نحن مجموعة ضحايا الاختفاء القسري الصحراويين، كنا حوالي 324 من بينهم 72 امراءة؛ اطلق سراحنا تلك السنة بعد نجاح الامم المتحدة في اقناع المغرب و جبهة البوليساريو بتوقيع اتفاق اممي افريقي للسلام في الصحراء الغربية.

 لكن لم تنتهي القصة بنهاية الإعتقال، خرجنا من المعتقل الصغير لندخل معتقلا أكبر، اسمه المناطق المحتلة من الصحراء الغربية؛ حيث عانينا من الحرمان من كل الحقوق بعد اطلاق سراحنا، لا عمل، لا دراسة، لا قدرة على الخروج لأننا محرومون كمعتقلين سابقين من الحق في الحصول على وثيقة سفر...الخ. لكنني لم استسلم، لان الاستسلام ليس خيارا لنا نحن الصحراويون. خيارنا الوحيد كان و ما يزال هو المقاومة. لذلك بعد أخذ النفس من سنوات الاختفاء و الجحيم، بدأت رفقة العديد من الرفاق المختفين السابقين في تنظيم انفسنا لمواجهة جرائم الحرب و الجرائم ضد الانسانية التي عشناها بانفسنا، و التي عاشها مئات بل آلاف الصحراويين منذ الغزو المغربي لوطننا الصحراء الغربية. رفضنا الصمت، رفضنا الخضوع للتهديد و للوعيد و للمغريات العديدة التي حاول نظام الاحتلال عرضها علينا لكي نصمت و ننسى ما عشناه من انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان. رفضنا لاننا كجيل عاش هذه المآسي في شبابه، و من بيننا من خرج بعاهات مستديمة و بامراض مزمنة و اختلالات عقلية. لم نقبل ان نترك الاجيال القادمة جاهلة لهذا التاريخ الأسود للاحتلال المغربي، بل قررنا فضحه ليس فقط للصحراويين، بل للعالم؛ لكي يعلم الجميع اننا هنا، و اننا عشنا اسوأ أنواع الجرائم ضد الانسانية؛ الاختفاء القسر، و اننا فقدنا رفاقا و رفيقات كثر قضوا شهداء تحت التعذيب او نتيجة ظروف الاعتقال اللا نسانية. و قد نجحنا الى حد كبير في فضح هذا النظام المغربي التوسعي. و انا جد فخورة بانني ساهمت في فضح هذا النظام الملكي التوسعي الظالم.

حصلتي على العشرات من الجوائز الدولية التي تقدر مسيرتك ونشاطك وشجاعتك، وآخرها جائزة نوبل البديلة. هل هذه الجوائز بقض النظر عن الاعتراف بشخص امنتو، أيضًا اعتراف بعدالة  القضية الصحراوية؟

انا لست شخصا خارقا للعادة تحدى الظلم، لذلك تم تكريمي عديد المرات، انا انسانة صحراوية بسيطة، مؤمنة بان لي حق اصيل في الحياة و بكرامة، و مؤمنة بأن لي و لشعبي حقوقا سياسية و مدنية و اقتصادية و اجتماعية و ثقافية، و أنه لا يحق لأي كان انتهاكها، و لذلك انتفضت بشكل سلمي حضاري ضد المملكة المغربية، التي ارادت انتزاع هذه الحقوق مني و من أبناء شعبي و لازالت تصادرها. فهذه الجوائز المتحصل عليها تعد ثمرة نضالنا السلمي و اعترافا بمشروعيته و بعدالة قضيتنا من اجل الحرية و الإستقلال.

لماذا لم تقم امنتو حيدر بزيارة رسمية لمخيمات اللاجئين الصحراويين حتى الآن؟

زيارة مخيمات العزة و الكرامة، جزء من الفعل الوطني و وجه من أوجه المقاومة السلمية و كسر القيود التي يحاول المغرب جاهدا فرضها علينا، و انا شخصيا لم تسمح لي الظروف بزيا تها سوى مرتين و كانت اخرها سنة 2018 رفقة كوكبة من خيرة المناضلات و المناضلين، قمنا بزيارة رسمية للمخيمات و للاراضي المحررة و بعد عودتنا حاولنا زيارة مدن الصحراء الغربية و مدن جنوب المغرب، الا اننا منعنا من التنقل من طرف كبار المسؤولين المغاربة و هو الشي الذي دفعنا للتوجه الى بعثة المينورسو للاحتجاج، و كان ذلك في شهر يناير من سنة 2018 تحديدا.

بالنظر إلى السيناريو الحالي الذي توجد فيه القضية الصحراوية... هل ما زالت امنتو حيدر تأمن بلحل السلمي؟

انا اومن بالمقاومة السلمية بشكل أعمى و جد مقتنعة بحتمية النصر عن طريق الحل السلمي. فالحروب لا خير فيها، و تتسبب في الكثير من الماسي و الكوارث الانسانية و الطبيعية، و لن يكون الشعب الصحراوي وحده الضحية، بل سوف تتضرر كل شعوب المنطقة في حالة نشوب حرب، و لا أتمنى حدوث ذلك. و هنا لابد من استحضار شخصية تاريخية ملهمة، مهاتما غاندي، الذي يعد الشخصية التاريخية في نضال الشعوب من اجل الحرية، استطاع اقناع مئات الملايين من الهنود و بمختلف دياناتهم، بالالتفاف حول مبدأ الاستقلال بالطرق السلمية و جنبهم إراقة الدماء و حصلوا على مبتغاهم في الحرية و الإستقلال من أقوى دولة استعمارية انذاك، دولة ابريطانيا العظمى.

ما هي الرسالة التي توجهها امنتو إلى شعبها ، خاصة الشباب الصحراوي.

اسمحولي في البداية ان اهنأ شعبي على نجاح مؤتمرنا الشعبي رغم المؤامرات و الدسائس و رغم كيد المتربصين بنا شرا. و أتمنى للقيادة المنتخبة التوفيف و أن تكون في مستوى تطلعات الشعب الصحراوي و تقدم بكل تفاني نحو مسببات النصر و خلق ديناميكية جديدة تفرض على المنتظم الدولي إتخاذ إجراءات صارمة و جدية لتطبيق الشرعية الدولية و إحترام القانون الدولي و القانون الدولي الانساني الذي يكفل لنا الحق في الحرية و الإستقلال. و هذا لن يحدث الا بقوة وحدتنا و تصحيح كل الاخطاء و ازاحة كل المعوقات التي تحول دون ذلك. 

و للشباب أقول أنه يجب ظبط النفس و التحلي بالصبر و التشبث بمادئ الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب كممثل واحد و أوحد، و التصدي لكل مؤامرات العدو المغربي التي تستهدف الهوية الصحراوية و أخلاقنا الاجتماعية و قيمنا، كما يجب محاربة كل الآفات و الظواهر الاجتماعية اللا أخلاقية الخبيثة التي أصبحت تتفشى فينا للاسف الشديد.