إعتراف المغرب بالهزيمة في قمة تيكاد7 إشارة لبداية تأقلمه مع وجود الدولة الصحراوية.




شكل فشل تحركات الرباط قبل إنعقاد قمة تيكاد7، إنطلاق مرحلة جديدة في تعاطي نظام الإحتلال المغربي مع إنتكاسات دبلوماسية فيما يخص قضية الصحراء الغربية، فيما يبدوا وكأن المخزن بات ولو نسبياً يتأقلم مع الواقع والحقيقة المتمثلة في وجود الجمهورية الصحراوية دولة قائمة، ورقم في المعادلة الأمنية الضامنة للأمن والإستقرار في محيطها الإقليمي وحدودها المشتركة مع بلدان الجوار. هذا التحول المفاجئ جاء طبعا بعد فشل الرهان على الشغب وإثارة نقاشات سخيفة خلال القمم الخاصة بأعضاء الاتحاد الإفريقي أو تلك التي تجمعه بشركائه. 

الإستراتجية أو التعاطي الجديدة الذي تبناه المخزن يرتكز في نقطتين رئيسيتين:

"الاولى موجهة إلى الداخل على شكل خطاب إعلامي يهدف من خلاله التغطية على فشله بخلق روايات وغير موجودة أصلا، كما رأينا قبل يومين في قصاصة إخبارية على الوكالة الرسمية للأخبار، لتحويل أنظار شعبه عن فشله الذريع في إلغاء مشاركة وتواجد الدولة الصحراوية في قمة تيكاد المنعقدة في يوكوهاما.

الثانية، إلى الصحراويين، تهدف أساسا على تقزيم العمل الجبار الذي تقوم به الدبلوماسية الصحراوية في فرض تواجد الجمهورية في مختلف الأحداث الدولية وتوفقها على نظيرتها المغربية، ثم التشويش على النتائج التي تحققها وجعل ذلك بمثابة لا شيء في أعين الصحراويين، كما تابعنا مؤخرا قبيل إنعقاد تيكاد7."

وللوقوف على ذلك، لابد لنا من الرجوع إلى القصاصة الإخبارية على وكالة المغرب العربي للأنباء (التابعة لحكومة الرباط)، تدعي نقلا عن تصريح لأحد الموظفين في الخارجية اليابانية، بشأن عدم إعتراف اليابان بالجمهورية الصحراوية كحدث أبرز في القمة، مع العلم أن هذا الأمر ليس سرا أو تطورا جديدا يستحق هذه البهرجة الإعلامية، بقدر ماهو نهج جديد أعلن عنه من إقامة ملك السفر والإستجمام في الغابون، و أوكلت مهمة الإشرف على تنفيذه إلى الفتى المدلل  للمخزن والوزير المشاغب بوريطة.

إذن على هذا الشكل إنتهى الأمر بنظام محمد السادس بعد أن تأكد من فشل كل التحركات الدبلوماسية والإتصالات المكثفة والتودد لأمراء وملوك الخليج، وإلى أوروبا واليابان نفسها من أجل تحقيق حلم أقرب إلى الوهم، لطالما رافق النظام المغربي طيلة أربعة عقود الأخيرة، وسيظل مادام متشبثا بفكره التوسعي والإستمرار في إحتلاله غير الشرعي لأجزاء من تراب الجمهورية الصحراوية تلك الحقيقة والواقع المزعج للمخزن.

''المخزن يعترف مبكرا بالهزيمة وضعف موقفه ''


لقد كان النظام المغربي هذه المرة أكثر واقعية من ذي قبل، حيث إختصر على نفسه المسافة وأعترف مبكرا بفشل مساعيها، والإنسحاب من ساحة المعركة مع الدبلوماسية الصحراوية، والبحث عن سبل لتجاوز الصدمة، وتفادي تأثيرها على الوضع الداخلي الذي يعيش على وقع الإنهيار والتصدع نتيجة (فقر، تزايد انتهاكات حقوق الإنسان، إنشقاق داخل القصر وحكومة فاقدة للثقة تعيش أيامها الأخيرة)، عن طريق خطة إستباقية لتحويل الأنظار من الفشل في معركة طرد الجمهورية الصحراوية من قمة تيكاد7، إلى مسألة غير موجودة أصلا، وتقديمها إلى شعبه المتعطش منذ سنوات لكلمة إنتصار أو مصطلح "إيجابي" ولو كذبا يُمَنِّي به النفس في ظل الخيبات المتتالية التي لحقت بالمغرب سواء في مواجهته الدبلوماسية والقانونية ضد جبهة البوليساريو والدولة الصحراوية، أو في مجالات أخرى مختلفة. 

هكذا إذن يكون المغرب قد لعب آخر أوراقه في المعركة الدبلوماسية مع الجمهورية الصحراوية، بعد ما جرب خلال القمة الماضية سنة 2018، خطوة الإحتجاج ثم إنسحاب الجبناء، وقبلها سنة 2017 في مابوتو، بخلق الفوضى و الشغب والعنف لتعطيل أشغال القمة ومنع دخول الوفد الصحراوي قاعة الجلسات، إلا أن 2019 سجلت أسرع إعتراف للمغرب بالهزيمة وضعف موقفه وحلفاءه وفشل مخططاتهم في مجابهة قوة الدبلوماسية الصحراوية التي تستند على القانون الدولي وعدالة القضية الصحراوية، والمواقف الثابتة المعبرة عنها من قبل الإتحاد الإفريقي والبلدان الأعضاء الحليفة للجمهورية الصحراوية، ولم يتبقى له سوى الرضوخ للحقيقة والواقع أي وجود الجمهورية الصحراوية في أشغال القمة ممثلة على أعلى مستوى برئيس الجمهورية السيد إبراهيم غالي.