بعد عقدين من الحكم المطلق لمحمد السادس، إلى أين وصل المغرب؟

       ملك المغرب محمد السادس


نشر الموقع الإخباري المغربي ألف بوست مقالاً تحليلياً لفترة حكم ملك المغرب للبلاد، بمناسبة مرور 20 سنة من إحكام قبضته على مفاصل الدولة، عقب وفاة والده الملك الحسن الثاني، وقال كاتب المقال ’’أن هذه المدة تعتبر الأطول نسبياً لاستمرار شخص في أعلى المناصب والمسؤولية السيادية‘‘ إلا أن هذا المنطق غير موجود في هذا البلد، لأن الحكم الفردي المطلق للأسرة الملكية، ظل لعقود من الزمن هو القاعدة الأساسية لتبادل أفرادها على السلطة والحكم في المغرب.

ووصف الكاتب في مقاله فترة حكم العاهل المغربي، بالأكثر أريحية، نظراً للظروف الداخلية والخارجية المريحة، مقارنة بباقي ملوك المغرب الذين واجهوا حد وصفه ثورات وانتفاضات وتمردات وضغوطات خارجية وتشكيكاً، إلا أن محمد السادس وجد أمامه دعم فرنسي أمريكي واسباني، وهدنة من الحركات التي يطلق عليها محلياً الحركات السياسية الراديكالية مثل العدل والإحسان الإسلامية والنهج الديمقراطي الشيوعية، أي ظروف مناسبة للنهوض بالمغرب وتحقيق قفزة في مختلف المجالات للالتحاق بقطار النهضة والتقدم والنظام الديمقراطي الذي ينتظره المغاربة منذ عقود.

طول فترة حكم ملك المغرب الحالي، يعد عاملاً مهماً بحكم الوقت الكافي لبلورة وتطبيق المشاريع التي وعد بها شعبه خلال توليه الحكم، هنا إذن لا بد من طرح جملة من الأسئلة للوقوف على نجاح المشاريع من عدمه. أين كان المغرب وإلى أين وصل خلال العقدين الأخيرين ؟ وهل وفر لشعبه شروط وواجبات الدولة تجاه مواطنيها من نظام تعليمي وصحي لائق ؟ وهل وفر فرص العمل للشباب ؟  وهل فعلاً أصبح بلداً قوياً كما يدعي المغرب ؟
إن تصنيف اقتصاد المغرب سجل نوعاً من الجمود الرهيب خلال السنوات الأخيرة حسب  تقرير مجموعة البنك الدولي والمنتدى الاقتصادي العالمي ومؤسسة التمويل، حيث وقع في المرتبة 71 عالمياً، كما دق التقرير ناقوس الخطر على ثلاث تحديات، منها تحسين بيئة الابتكار التي صنف المغرب فيها في المرتبة 94، ثم كفاءة سوق العمل التي حل فيها في المرتبة 120، وفي مجال التعليم والتدريب الذي صُنف في المرتبة 101 عالمياً، وفي مجال الصحة صنف المغرب مؤخراً في المرتبة 106 من أصل 203 بلد، شملهم إحصاء الرعاية الصحية خلال النصف الأول من عام 2018، بمعدل 69،04 % من حيث الخدمات الطبية و 40،55 % من حيث الإهتمام الطبي  بالمريض، و2000 شخصاً لكل طبيب، وعلى مستوى البطالة في صفوف الشباب سجلت نسبة 18% عكس ما جاء في تقرير مندوبية التخطيط التابعة للسلطة، ولعل الهجرة الجماعية والانتفاضات التي شهدها المغرب في السنوات الأخيرة خير دليل على انعدام فرص العمل وعدم استفادة المواطنين من البرامج والمشاريع التي تحدثت الحكومة والقصر عن انطلاقتها في عدة مناسبات. 


’’الإخفاق الشامل‘‘

إن إخفاق حكم العاهل المغربي، لم يقتصر فقط على المجالات التي سبق ذكرها، فإذا قمنا بتحليل واقع المجتمع خلال العقدين الأخيرين، سنجد أن التقسيم السليم لخيرات وموارد البلد لم يحدث، ولم يستفد منها مطلقاً الشعب، هذا الأمر لا يحتاج إلى بحث عميق يكفي في ذلك النظر إلى الفوارق الطبقية داخل المجتمع، والتي اعترف بها في خطابه وكذلك مستشاروه خلال المقابلة الصحفية الأخيرة مع وكالة ’’فرانس بريس‘‘، إذن علاقة الملك بالشعب ودوره في البلد بقيت مثل ما كانت عليه منذ حكم الحسن الثاني، أي يقتصر فقط على شق واحد، هو استعماله كورقة لتخفيف الضغط والتنصل من التزاماتها باحترام الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة في قضية الصحراء الغربية، وذلك من خلال تجييش الشعب المغربي للزج به في قضية لم تكن يوماً من أولوياته أو تعود عليه بمنفعة تذكر، بهدف إبلاغ رسائل إلى المنتظم الدولي والهيئة الأممية، أن قضية الصحراء الغربية هي شأن غاية في الأهمية وأمر مصيري ومسألة موت وحياة بالنسبة للشعب المغربي، وبأن اتخاذ قرارات فيها لا يقتصر فقط على السلطة أو القصر، هذه الاستراتيجية اعتاد عليها المخزن وشاهدنا ذلك خلال الأزمة مع الأمم المتحدة وأمينها العام بان كي مون وحكومة السويد ومع بعثة المينورسو، في حين تابعنا كذلك غياب كلمة الشعب أو الرجوع إليه خلال مصادقة القصر  على الميثاق التأسيسي للاتحاد الإفريقي الذي يعترف بالجمهورية الصحراوية دولة قائمة، وبأراضيها المعترف بها دولياً بما فيها الأجزاء المحتلة من الصحراء الغربية والخاضعة للاحتلال العسكري المغربي.

يبدو أن الانتقال الديمقراطي في المغرب لم يكن مدرجاً فعلياً أو عملياً في سياسة النظام، ولم تكن هناك رغبة في تحقيقه كما يراه البعض أو يحاول الترويج له، لأن كل القرارات التي تم اتخاذها في هذا الجانب لم تكن سوى مهدئات لتجاوز الأزمات وترتيب الأوراق لإعادة إحكام القبضة على مفاصل الدولة بل حتى الحياة اليومية للمواطن، فمثلاً خلال سنة 2011  ولتخطي أزمة المظاهرات التي قادتها حركة 20 فبراير، وصلت إلى حد المطالبة بإسقاط النظام كما حدث في تونس ومصر، قدم القصر دستوراً جديداً قديماً رتب له بشكل محكم من الجانب الدعائي والتسويق لتنازلات لم تمكن موجودة، حيث مازال الملك يحافظ على مكانته المقدسة وغير القابلة للنقاش والمحاسبة، كما أنه وبعد ثمانية سنوات من إقرار الدستور لا تزال هناك مظاهر الفساد، الرشوة، والمقاربة الأمنية في مواجهة كل الأصوات المطالبة بالإصلاح وتوفير الحقوق للمواطنين، كما حدث في مدينة الحسيمة والريف مؤخراً.


’’ الملك والشعب.. الغنى الفاحش مقابل الفقر المدقع‘‘

إن الحديث على أن المغرب بلد فقير رغم موقعه الجغرافي والأرقام الخالية والمشاريع الضخمة التي تحدثت عنها الحكومة والحاكم أمر يصعب تصديقه، يجعلنا نطرح السؤال أي عائدات موارد هذا البلد والمشاريع الضخمة الكثيرة التي تم إنشائها على مدار العقدين الأخيرين؟ الجواب وجدناه في بعض التحقيقات التي أجراها بعض الوسائط الإعلامية المرموقة، كان أخرها مجلة فوبيس التي صنفت ملك المغرب خامس شخصية إفريقية من حيث الثراء في القارة، يبسط سيطرته المطلقة على وسائل الإنتاج، الصحافة، الأمن وبرلمان البلد كل ذلك في غياب أي معارضة تذكر، مكنته بذلك من جني ثروة شخصية تصل إلى ما يقارب 5،7 ملايير دولار، و 12 قصرا بالإضافة إلى أخرين خارج البلد، 600 سيارة من النوع الفاخر الفخم والتجهيزات المتميزة، دفعت الحاكم المهمين للتحول من ملك إلى قطب، أقام أمبراطورية مالية تتماشى مع العصر الحالي، كل هذا يحدث في الوقت التي يعيش فيه غالبية الشعب المغربي تحت خط الفقر وإتساع رقعة العنف الأسري وضد النساء وتدهور رهيب مقصود يتخبط في البلد والمواطنون دون أن يحرك أي كان ساكنا لإنقاذهم من السقوط في الهاوية.