الحرب في الصحراء الغربية خلفت حتى الآن 13 شهيداً وأكثر من 30.000 نازح.

أدى إستئناف الحرب في الصحراء الغربية إثر إنتهاك المغرب لإتفاق وقف إطلاق النار إلى نزوح 30.000 عائلة من المناطق المحررة إلى المناطق المجاورة على الأراضي الموريتانية, لأن اغلبية السكان بدو وهي مرتبطة بمواشيها و الأماكن التي بها مراعي وهو الشيء المفقود في المخيمات. وما يقارب من 4749 عائلة دخلت المخيمات لتبدأ حياة جديدة وهذا بالاعتماد طبعاً على المساعدة القليلة التي يتلقونها من السلطات الصحراوية وبرنامج الغذاء العالمي.  أربعة سنوات من الجفاف الذي ضرب المنطقة قد تسبب في فقدان الكثير من المواشي وهي المصدر الاول الذي يعتمد عليه سكان المناطق المحررة لتأمين معاشهم, حسب الهلال الأحمر الصحراوي.

بئر لحلو، 25 أكتوبر 2021 (ECSAHARAUI)

إنتهت الاحتفالات المخلدة ليوم الوحدة الوطنية عام آخر في خضم وضع صعب في ولاية الداخلة كباقي الولايات بسبب أزمة كوفيد الصحية، ذكرى يمكن القول أنها كانت، من بين أمور أخرى، بمثابة مطالبة المجتمع الدولي بإجراء إستفتاء لتقرير المصير يسمح لصحراويون إختيار مستقبلهم بحرية وينهي الاحتلال المغربي.

زميلنا علي إبراهيم محمد سافر إلى هناك، ثم إلى الأراضي المحررة من الصحراء الغربية لتوثيق العمليات العسكرية التي يشنها الجيش الصحراوي على طول جدار الذل و العار المغربي والإطلاع أكثر على "الظروف المعيشية القاسية التي يعيشها معظم السكان في مخيمات اللاجئين. هنا يعتمدون بشكل شبه كامل على المساعدات الدولية الأجنبية من أجل البقاء، والتي تقلصت هي الأخرى في العام الماضي بسبب إغلاق الحدود بسبب الجائحة وأيضا بسبب عواقب الحرب، التي أجبرت الشباب على ترك وظائفهم للإنتقال إلى جبهة القتال من أجل الإستقلال و الحرية"، يضيف علي.

"هنا في هذا المخيم، تعاني ثلثي النساء من فقر الدم، وثلث الأطفال يعانون من سوء التغذية المزمن. في السابق، كان اللاجئون الصحراويون يساعد بعضهم البعض، لكن الوضع اليوم تغير: غادر الشباب المخيمات للذهاب إلى مراكز التدريب العسكرية ثم إلى جبهات القتال، وقد كان لذلك تأثير سلبي على اللاجئين في شقه الإقتصادي". وتجدر الإشارة إلى أن اللاجئين الصحراويين وصلوا إلى هنا في منتصف السبعينيات هربًا من قصف الطيران المغربي على الصحراء الغربية بعد إنسحاب إسبانيا وغزو الأراضي الصحراوية من قبل المغرب. على الرغم من أن هذه المخيمات الخمسة تم إنشاؤها بصفة مؤقتة، لكن و بعد الـ46 مازالوا ينتظرون حل يضمن لهم حقوقهم في الحرية و الاستقلال و الرجوع إلى أراضيهم.

بالإضافة إلى الآثار السلبية الناجمة عن التهجير القسري و اللجوء، يجب على اللاجئ الصحراوي أن يواجه الظروف المناخية الصعبة التي تسود منطقة الحمادة على حدود الجزائر مع الصحراء الغربية، ذات التضاريس الصعبة. ما يقرب من ثلاثة أجيال من الصحراويين ولدوا ونشأوا في هذه المخيمات ومن بين أولوياتهم مضاعفة جهودهم للحصول على حياة كريمة لهم ولعائلاتهم. 

لقد تغيرت الأمور بشكل جذري في المخيمات، مع إستئناف الحرب منذ 13 نوفمبر الماضي، عدد كبير من الشباب الصحراويون تخلوا عن وظائفهم في أوروبا والرحيل إلى المخيمات ثم إلى جبهات للقتال من أجل وطنهم.

أثر الحرب على اللاجئين.

أصبح الوضع الإنساني في مخيمات اللاجئين الصحراويين أكثر عرضة للخطر من أي وقت مضى، حيث أدت القيود والتدابير التي فرضها وباء كوفيد-19 إلى شل الأنشطة التجارية الصغيرة المدرة للدخل، وخفضت بشكل كبير هذه الأنشطة التجارية وخدمات النقل الخاصة ضف إلى ذالك النقص الكبير في المساعدات الإنسانية وخاصة المساعدات الغذائية بشكل ملحوظ حيث يواجه برنامج الأغذية العالمي تحديات كبيرة في توفير الحد الأدنى من الحصص الغذائية نتيجة نقص التمويل.

وقد سبق لمؤسسة الهلال الأحمر الصحراوي أن تحدثت بالتفصيل عن المخزون الاحتياطي لديها، وإعلان ناقوس الخطر بعد تسجيل تزايد في المساعدات المقدمة للاجئين مع موجة النزوح الجديدة لآلاف الأسر التي جائت من المناطق المحررة بعد إستئناف الكفاح المسلح و الذي أيضا تزامن مع حالة غير مسبوقة من الجفاف.

بالفعل أدى إستئناف القتال بين الجيشين الصحراوي والمغربي إثر إنتهاك هذا الأخير لإتفاق وقف إطلاق النار إلى التهجير القسري ل 30.000 عائلة من المناطق المحررة التي تديرها السلطات الصحراوية إلى المناطق المجاورة على الأراضي الموريتانية. ما يقارب من 4749 عائلة دخلت المخيمات لتبدأ حياة جديدة وهذا بالاعتماد طبعاً على المساعدة القليلة التي يتلقونها من السلطات الصحراوية وبرنامج الغذاء العالمي.

العائلات التي إضطرت إلى النزوح من الأراضي الصحراوية المحررة، خوفًا من الإشتباكات العسكرية التي إندلعت في 13 نوفمبر؛ قرابة 45٪ منها كان يقطن في منطقة مهيريز والباقي في مناطق مثل تيفاريتي، بير لحلو،  بير تغيسيت، ميجك ،أغوينيت، إلخ... رحلة زميلنا علي إبراهيم إلى منطقة مهيريز مكنته من رؤية المنازل والمحلات التجارية والمخابز التي كانت هناك مهجورة بعد النزوح القسري لأكثر من 3.000 أسرة كانت تعيش هناك بسبب الحرب".

وبحسب الهلال الأحمر الصحراوي، فإن نسبة 42٪ من العائلات النازحة إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين بحاجة إلى علاج طبي عاجل، لأن النزوح والظروف المناخية تسببت في أمراض مختلفة، بالإضافة إلى الذعر والصدمات الناجمة عن الحرب، كما أن حوالي  65٪ من هذه العائلات بحاجة إلى مأوى، حيث كان لابد من إيوائهم من قبل عائلات أخرى في المخيمات. فيما 53٪ تفتقر إلى خزانات مياه للشرب والاستحمام و نسبة 42٪ فقط من العائلات تمكنت من جلب بعض أغراضها المنزلية والأواني والأدوات الأخرى معها، بينما 88٪ من العائلات تعتمد أساسا على الأنشطة التجارية الصغيرة وبعض الخدمات كنقل المسافرين العابرين بين مخيمات اللاجئين وموريتانيا. أما ما نسبته 12٪ من العائلات تعتمد على الماشية، ولكن بسبب الجفاف خلال السنوات الثلاثة الأخيرة تأثرت هي الأخرى.

على مستوى المنظمات الدولية، أكدت وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية العاملة في مخيمات اللاجئين الصحراويين في تقاريرها هشاشة الوضع الإنساني وإعتماد اللاجئ الصحراوي على المساعدات الإنسانية الدولية، وهو الأمر الذي أكده الأمين العام للأمم المتحدة نفسه في تقاريره السنوية، حيث تحدث عن قلق بشأن أزمة التمويل لهؤلاء اللاجئين. وفي تقييمها للأمن الغذائي للاجئين في بداية الوباء في أبريل 2020، إرتفعت نسبة اللاجئين الصحراويين الأكثر ضعفًا من 77٪ إلى 88٪ وبعد عام من هذه الدراسة، زادت هذه النسبة بشكل كبير.

إن الوضع الإنساني في مجمله يعاني من مشاكل جمة بسبب العوامل الثلاث السالفة الذكر (كوفيد19، الحرب، الجفاف) وعدم القدرة لحد الآن سد فجوة التمويل الكبيرة في هذه المخيمات.