الإتحاد الأوروبي أكثر الأطراف الدولية تورطاً في نهب الثروات البحرية من المياه الإقليمية للصحراء الغربية المحتلة.



بروكسيل (بلجيكا) 23 فبراير 2020 (ECSaharaui)

•الإتحاد الأوروبي يتحدى القانون الدولي والأوروبي، بهدف شرعنة الاحتلال المغربي للصحراء الغربية•


مظاهرة سلمية لمدنيين صحراويين تنديدا بإنتهاك حقوقهم من قبل المغرب (وكالات)


تقدر ما قيمته 90٪ من مجال الصيد البحري في الصحراء الغربية في ملكية الشركات أوروبية (الإسبانية والفرنسية والبرتغالية بشكل رئيسي)، على الرغم من أن القوانين الأوروبية تحظر بشكل صريح وواضح أي نشاط للشركات الأوروبية في الصحراء الغربية أو مواردها الطبيعية. وفق إستنتاجات توصل إليها آخر تحقيق أجراه (El Confidencial Saharaui) تم نشره تحت عنوان (الأسطول الأوروبي في الصحراء الغربية، التركيز على الممارسات غير القانونية في مجال الصيد البحري بالإقليم).

وتصنف الشركات الإسبانية في الرتبة الأولى من حيث العدد، تعمل من خلال العروض المقدمة من قبل الشركات المغربية، أو في بعض الأحيان يستخدمون أسماء ووثائق الشركات المسجلة على الورق، ما يسمح لهم بجلب سفنهم وتسجليها للحصول على رخصة صيد عن طريق سلطات الاحتلال المغربية، ومن ما مجموعة 90٪؜ من السفن الأوروبية، تشكل حوالي 60 ٪ منها نسبة السفن الخاصة بالصيد في أعالي البحار، وتوجه بأكملها نحو السوق الأوروبية. 

ووفق البيانات تبين أنه من الصعب معرفة أرقام محددة للأسطول الذي ينهب الثروات البحرية في المياه المتاخمة للصحراء الغربية، لكن بكل تأكيد تعد منطقة الصحراء الغربية من بين أكثر المناطق يتم استغلال مواردها بشكل غير قانوني في العالم.

لقد بدأ إستغلال قطاع الصيد البحري في الستينيات من القرن الماضي خلال الاستعمار الإسباني، وإستمرت إلى ما بعد استقلال معظم البلدان إفريقيا، لكنها لم ترتفع وتيرتها إلا في التسعينات والألفينيات من القرن الماضي، وبعد بناء المنشآت ورصيف في ميناء المرسى في العيون، شكل الأخطبوط وباقي الأسماك أهم الصادرات من الاراضي المحتلة نحو العالم، لا سيما أوروبا، وقد أرتفعت نسبة الإنتاج منذ أواخر التسعينات إلى نحو 100٪؜ ما جعلها من بين أكثر المواضيع إثارة للجدل بين الصحراويين اليوم.

تطوير الأعمال في مجال الصيد البحري، وفقًا للمنظمة غير الحكومية "مرصد مراقبة ثروات الصحراء الغربية"، قد أدى إلى هيمنة الشركات الأوروبية حاليًا على جميع المزايا التي تنتجها. لهذا السبب الصيد البحري، بدلاً من أن يكون عنصراً لتعزيز تنمية منطقة الصحراء الغربية، ساهم في نهب الموارد البحرية لهذه المستعمرة الإسبانية السابقة.

وما يعكس هذه الحقيقة هو ما أصبح عليه مجال الصيد والزراعة،  كأكثر القطاعات حساسية على الناحية السياسية في الخلاف حول الصحراء الغربية، لا سيما بسبب إتفاق مصائد الأسماك لعام 2006 بين المغرب والاتحاد الأوروبي، والذي تم تجديد وسط جدل كبير نظرًا لتناقضه مع القانون الدولي وأحكام محكمة العدل الأوروبية، لسببين الأول لغياب إستشارة الشعب الصحراوي عبر ممثله الشرعي والوحيد جبهة البوليساريو والثاني طبعا هو كون الصحراء الغربية غير خاضعة للسيادة القانونية للمغرب، وفقا للأمم المتحدة.

بالإطلاع على تكلفة الاتفاقية، التي صيغت بموجبها بروتوكول قابل للتجديد سنويًا، بحوالي 52 مليون يورو، مقابل السماح بوصول أكثر من مائة سفينة أوروبية إلى المياه الإقليمية الصحراوية (البنك البحري الصحراوي) الأغنى في شمال أفريقيا، تظهر أهمية الثروة السمكية لدى بلدان الاتحاد الأوروبي الداعمين لهذا التوقيع وقيمتها كصفقة إقتصادية رغم سلوكه الإجرامي، في مقابل ذلك يتضح هدف المغرب الرئيسي الرامي فقط إلى الحصول على دعم من الاتحاد لإضفاء الشرعية على إحتلاله العسكري للصحراء الغربية 


"إختفاء تدريجي للأسماك من مياه الصحراء الغربية المحتلة"

منذ قرابة عشر سنوات بدأت الثروات السمكية تختفي بشكل تدريجي من المياه الإقليمية المتاخمة للصحراء الغربية، وفق معظم سكان الإقليم، خاصة الداخلة المحتلة، ترى أن تواجد عشرات المصانع، معظمها إسبانية، مختصة في تحويل السمك بكل أصنافه وأنواعه إلى مسحوق دقيق السمك الذي إرتفعت نسبة تصديره إلى ألمانيا، إسبانيا وكذلك تركيا. 

مثلا في مدينة الداخلة المحتلة، المعروفة كإحدى أهم المدن الاقتصادية في الصحراء الغربية، يعرف عن كل رجال الأعمال المغاربة الذين إحتكروا سوق السمك إلى أن أصبح يطلق عليهم رجال الأعمال المحليين، تعاطيهم وتعايشهم مع رجال الأعمال الأوروبيين الذين جاؤوا للإستثمار في القطاع بطريقة غير مشروعة في مناطق الصيد الصحراوية والمساهمة في نهب كميات كبيرة من الأسماك التي توزع فيما بعد على مصانع تصنيع مسحوق دقيق السمك. 

فيما تأتي العملية الثانية من النهب، في تصدير مسحوق دقيق السمك إلى ما يعتقد مزارع تربية الخنازير والدجاج، وذلك راجع لتوفر هذا الدقيق على الأوميجا 3 ما يجعلها أكثر إقبال من لدن أصحاب هذه المزارع في الخارج بدلًا من أن يستفيد منها أو من عائداتها السكان المحليين للإقليم الذين يعانون تحت وطئة الإحتلال العسكري المغربي منذ ما يزيد عن أربعة عقود ونيف.

وبعد صدور العديد من الدارسات في أوروبا حول تنامي الطلب على اللحوم البيضاء، إرتفع معه في المقابل الحاجة إلى الأسماك وكذلك المواد الغذائية المصنعة من الأسماك، مثل دقيق السمك إلا أن ما لا تأخذه بعين الإعتبار تلك المصانع المختصة في هذا النوع من الدقيق هو أن السكان الأصليين للصحراء الغربية هم كذلك بحاجة إلى تلك الملايين الأطنان التي تصطادها سفن الصيد الأوروبية بدون رقابة من أجل تصنيع دقيق الأسماك فقط

وبالعودة إلى ظاهرة الإختفاء التدريجي للأسماك من المياه الإقليمية للصحراء الغربية، لا يزال في مقابل ذلك تزايد لسفن الصيد الساحلي، بالإضافة كذلك إلى بناء مصانع للسمك في مدينة الداخلة المحتلة بصورة أصبح من غير الممكن الحد منها رغم هذا عامل إنخفاض منسوب الأسماك المفاجئ في المحيط.