نص خطاب رئيس الجمهورية، الأمين العام للجبهة، إبراهيم غالي

بئر لحلو، 19 يوليو 2021 (ECSAHARAUI)




بسم الله الرحمن الرحيم

جماهيرَ الشعبِ الصحراوي البطل،

يحلُّ علينا عيدُ الأضحى المبارك و، مرةً أخرى، تَـحُولُ الظروفُ دونَ تَـمَـكُّـنِي من التواجُدِ بينَ ظُـهْـرانِكم، لمشاركتِكم هذه المناسبةَ الدينيةَ الجليلةَ، الزاخِرَةَ بمعانِي ودلالاتِ الإيمانِ والتضحيةِ والعطاءِ والتسامُحِ والوفاءِ.

أنْـتَـهِـزُ هده السانِحةَ لأَتَـوَجَّـهَ إلى كلِ مواطنةٍ وإلى كلِ مواطنٍ صحراويٍّ، أينَما كانوا، في الأرضِ المحتلةِ وجنوبِ المغربِ، في الأراضي المحررةِ أو في مخيماتِ العِزةِ والكرامةِ أو في الأريافِ والمَـهْـجَـرِ، مُـعَـبِّـراً عن أحَـرِّ التهانِي وأصدَقِ الأمانِي، سائِلاً العَـلِـيَّ القديرَ أن يُـعِـيدَهُ على شعبِنا بالخيرِ واليمنِ والبركاتِ واستِكْمالِ سيادةِ الجمهوريةِ الصحراويةِ على كاملِ ترابِها الوطني.

وقد حَـلَّ العيدُ هذا العام على شعبِنا الأبِيِّ وهو يُـسَـجِّـلُ فُصولاً جديدةً رائِعَةً من الصمودِ والتحدِّي، خاصةً بعدَ استِـئْـنافِ الكفاحِ المسلَّحِ، منذُ الثالثِ عشرْ من نوفمبر 2020، في إطارِ حربهِ التحريريةِ الوطنيةِ المُقدسةِ من أجلِ الحريةِ والاستقلال.

وفي المقدمةِ، وكما هي عادتُهُ، ها هو جيشُ التحريرِ الشعبي الصحراوي، رافِـعُ التحدِّي وضامِـنُ الاستِقلالِ، في الجبهاتِ الأماميةِ يصنَـعُ ملاحِمَ البطولةِ والشرفِ والإِباءِ.


ها هو يقارِعُ العدُوَّ بِكلِّ شجاعةٍ واستِبسالٍ وإقْـدامٍ، يَـدُكُّ مَعاقِـلَـهُ لَيلَ نهارْ، ويقدِّمُ أروعَ دروسِ الوطنيةِ والإخلاصِ والاستِعدادِ الدائِمِ للتضحيةِ والسَخاءِ بكلِّ شيءٍ، من أجلِ أغلَى شيْءٍ؛ الحريةُ والكرامة.


وفي هذه اليومِ المبارك، نُـهَـنِّـئُ كُـلَّ فردٍ من وحداتِ جيشِنا المغوارِ، ونرفَعُ لهم أحرَّ تحيةٍ وهم يُـؤَدُّونَ مهامَّـهُم النِضاليةَ بِكُـلِّ قناعةٍ وحماسٍ واندِفاعٍ ونُـكْـرانٍ للذاتِ. وإننا لنُـشيدُ بالشبابِ الصحراوِيِّ المِقدَامِ، الذي كانَ في الموعِدِ، وسارَعَ إلى التطوُّعِ ودونَ تَـرَدُّدٍ للالتِحاقِ بجيشِ التحريرِ الشعبي الصحراوي. إنَّنا نُهِيبُ بالجميعِ للوقوفِ بكلِّ دعمٍ وتشجيعٍ خَـلْـفَ جيشِنا، حامِي حِمَانا، مصدرِ فخرِنا ورأسِ الحَربةِ في مسيرتِنا نحوَ النصرِ الحتمي.

وفي الأرضِ المحتلةِ وجنوبِ المغربِ، يَـحُـلُّ العيدُ على جماهيرِنا وهي تعانِي تحتَ وطأةِ القمعِ والترهيبِ، في ظلِّ تصعيدٍ خطيرٍ في انتِهاكاتِ حقوقِ الإنسانِ، عبرَ سلسلةٍ من المُمارساتِ الوحشيةِ.

ولم تتوقفْ دولةُ الاحتلالِ المغربي عندَ عملياتِ الاعتِقالِ والتعذِيبِ والتضييقِ في حقِّ الأسرَى المدنِيِّـينَ الصحراويينَ في السجونِ المغربيةِ، بل اسْـتَـهْـدَفَتْ المنازِلَ والعائلاتِ، بما في ذلك النساءُ والأطفالُ والمسنُّـونَ.




ولعلَّ من أبشَعِ تلكَ التَـدَخُّلاتِ المغربيةِ الدنِيئَةِ ما تعرَضَتْ وتَـتَـعَـرَّضُ له النِساءُ الصحراوياتُ من حصارٍ وقمعٍ وتنْكيلٍ، والذي كانَ من آخِـرِ مَـظاهِـرِهِ الاعتِداءُ الجبانُ على المناضِلةِ سلطانة خيا وعائلتِها، في مدينةِ بوجدور المحتلةِ.

إننا نُدِينُ أشَـدَّ ما تكونُ الإِدانَـةُ هذه الانتِهاكاتِ الصارِخَـةَ في حقِّ مدنِـيِّـينَ عُـزَّل، ونُـسائِلُ المجتمعَ الدولِيَّ إزَّاءَ الصمتِ والتماطُلِ المُخْـجِلِ.

ولكِـنَّـنَا نُؤَكِّـدُ بأن مثلَ هذه السلوكاتِ الإجرامِيةَ، إضافةً إلى الممارساتِ الاستعماريةِ الأُخرَى، من قبيلِ الاستِيطانِ ونهبِ الثرواتِ الطبيعيةِ وتنظيمِ الأنشطةِ السياسيةِ والاقتصاديةِ والثقافيةِ والرياضيةِ خارجَ الشرعيةِ الدولية، لن تُـثْـنِي شعبَنا عن أهدافِهِ المشروعةِ. إنها لن تُـرْهِـبَ جماهيرَنا الصامِدةَ في الأرضِ المحتلةِ، والتي ستمضِي في مقاومتِها الباسلةِ ضدَ الاحتِلالِ المغربِيِّ، بل لن تَـقودَ إلا إلى تأجِيجِ فصولٍ جديدةٍ من انتفاضةِ الاستقلالِ وتَـطَـوُّرِ أسالِـيـبِها واتِساعِ مَداها، قُـوَّةً وتَـصْعِـيداً، حتى النصرِ والتحرير.

ويَـحُـلُّ العيدُ على جماهيرِ شعبِنا في مخيماتِ العزةِ والكرامةِ وهي تُواصِلُ مسيرَةَ الصمودِ، تواكِبُ وتُـرافِـقُ بوَعْـيٍ وحَـمَاسٍ التَـطَـوُّرَاتِ المَـيدَانِـيَـةَ بعدَ استِـئْـنافِ الكفاحِ المُـسَـلَّـحِ.




وفي الوقت نفسِـهِ، تُـعَـمِّـقُ من التجرُبةِ المُـتَـمَـيِّـزَةِ في البِناءِ المُـؤَسَّـساتِي للدولةِ الفَـتِـيَّـةِ، في خِـضَـمِّ حربِ التحريرِ الوطني، حيثُ تَـضْـطَـلِـعُ المرأةُ الصحراويةُ بِدورٍ مِـحْـوَرِيٍّ في تسيِـيرِ الشأنِ العامِّ، وفي كلِّ المجالاتِ.

كما يَـحُـلُّ عيدُ الأضحَى هذا العامَ والجالِياتُ الصحراويةُ في المَـهْـجَـرِ تُـعَـزِّزُ وتُـطَـوِّرُ نِضالاتِها، في سِياقِ مسيرَتِـنا الكفاحيةِ، مُـسَـجِّـلَـةً حُضوراً مُـتَـمَـيِـزاً في مختَـلِـفِ ساحاتِ تواجُدِها، مُـنافِـحَـةً بِـقوَّةٍ واستِمراريةٍ عن قضيتِها العادِلةِ.

جماهيرَ شعبِنا البطل،

كما أن العيدَ يَـحُـلُّ هذا العامَ والعالمُ بأسرِهِ لا يَزالُ يُصارِعُ وباءَ كورونا حيثُ، ورغمَ الجهودِ المُتواصِلَـةِ والنتائِـجِ الإيجابِيةِ واللُّقاحاتِ العَديدةِ، لا يزالُ يُـشَـكِّـلُ خَطراً داهِماً على الأرواحِ البشريةِ.

ومع الأسفِ، لم يتوقَّـفْ الأمرُ على استِمرارِ مَوْجاتِ الجائِحَـةِ وما ينْـجُـمُ عنها من وضعيةٍ وَبائِـيَـةٍ مُـقْـلِـقَـةٍ، بل إنَ تَـطَـوُّرَ سُلالاتِ هذا الفيروسِ الخطيرِ أصبَـحَ يَزيدُ من سُرعةِ العَدْوَى والانتِشارِ وقوةِ الفَـتْـكِ بِضحاياهُ. وعلى غِرارِ شُعوبِ المعمورةِ، فإن شعبَنا معنِيٌّ بهذا التَـحَـدِّي العالمِيِّ.






وإذا علِـمْـنا أن مِنْ أكْـبَـرِ أسبابِ استِـفْحالِ الجائحةِ في العالمِ هو التهاوُنُ والاستِهْـتارُ، فإن ذلك يعنِي أنَّنا مُـطالَبُونَ اليومَ، أكثرَ من أيِّ وقتٍ مضَى، بالالتِزامِ الصارِمِ بِكُـلِّ الإِجراءاتِ والتدَابيرِ المُـقَـرَّرَةِ من الجِهاتِ المعنِيةِ، بما في ذلكَ خلالَ أيامِ العيدِ المبارَك، انطِلاقاً من أن الوسيلَةَ الأكثرَ نَجَاعَـةً اليومَ هي الوقاية.


ولا شكَّ أن الأمرَ يَـتـطَـلَّـبُ من كُـلِّ المواطِناتِ والمواطنِينَ، في كلِّ مواقِعِ تواجُدِهِم، التَـحَـلِّي بكلِّ ما يَـقْـتَـضِيهِ الأمْـرُ من وعْـيٍ ومسؤوليةٍ وجِـدِّيَةٍ وحِيطَـةٍ وحَـذَرٍ. ونحنُ على ثِـقَـةٍ بأنَّ شعبَـنا يمْـتَـلِـكُ كُـلَّ هذه الصِفاتِ وأكْـثَـرْ، وخاصَّةً في ظِـلِّ قُـدْرَةٍ تَـنْـظِـيمِـيَّـةٍ وتَـسيِـيرِيَةٍ مُـتَـمَـيِّـزَة. ونحنُ على ثِـقَةٍ مُـطْـلَـقَـةٍ بأنَّ تلك القُـدْرَةَ ستكونُ مُـعَـزَّزَةً بِعَـناصِرِ النَجاحِ، من إرادَةٍ وعزيمةٍ وإصرارٍ وانضِباطٍ، وتقدِيمِ المصلحةِ الوطنيةِ العليا .




جماهيرَ شعبِنا البطل،

في هدهِ المناسبةِ المُبارَكةِ، لا بدَّ أن نَـتَـذَكَّـرَ بتقديرٍ وعِرفانٍ كُـلَّ الأشِـقَّاءِ والحُـلَفاءِ والأصدِقاءِ عبرَ العالَمِ، الذين وقَفُوا ويَـقِـفُونَ إلى جانِبِ الشعبِ الصحراوِيِّ في كِـفاحِهِ العادِلِ من أجلِ الحريةِ والاستِقلال.




ونَـتَـقَـدَّمُ هنا، بِـشَـكْـلٍ خاصٍّ، بالتَـهْـنِـئَةِ الحارَّةِ والصادِقَةِ بِعِـيدِ الأضْحَى المُبارَكِ إلى الجزائرِ الشقيقةِ، شَعْـباً وحكومةً. إنها جزائِرُ الشموخِ والمَبادِئِ الراسِخَةِ والقِـيَـمِ النَبِـيلَةِ والمَواقِـفِ الثابِـتَةِ التي نسأَلُ العليَّ القديرَ أن يعيدَ العيدَ عليها بمزيدٍ من التقدُّمِ والرُّقِـيِّ والازدِهارِ. نسألُـهُ سبحانَـهُ وتعالى أن يوَفِّـقَها، بقيادةِ السيدِ الرئيس عبد المجيد تبون، لِـبُـلُوغِ مسْعاهَا وتحقِيقِ طموحاتِ شعبِها الأَبِـيِّ، في بِناءِ جزائِرَ قويةٍ وشامِخَةٍ، تَـتَـبَـوَّأُ مكانَـتَها الريادِيةَ المُـسْـتَـحَـقَّـةَ في المنطقةِ والقارةِ الإفريقيةِ وعلى الساحةِ الدولية.

كما نَـتَـوَجَّـهُ إلى الشقِيقةِ الجمهوريةِ الإسلاميةِ الموريتانيةِ بأَصْـدَقِ التهانِي والتَـبْريكاتِ، مُحْـتَـفِـظِينَ لشعبِها بأسْـمَى آياتِ الأُخُوَّةِ والصَداقَةِ وحُسْنِ الجِوارِ والمَصيرِ المشترَكِ، سائِـلِينَ لها السلامَ والاستِقرارَ والرُّقِـيَّ الازْدِهارْ.

ولا بدَّ في هكذا مُناسَـبَةٍ أن نَـتَـذَكَّـرَ بِـتَـقـدِيرٍ وإجْلالٍ كُـلَّ بَطلاتِ وأبطالِ شعبِنا الذين ضَـحَّـوْا من أجْـلِ هذه القضيةِ المُـقَـدَّسَةِ، فِـمِـنْـهُـمْ الشهيدُ ومنهم الفَـقيدُ.

في هذا اليومِ الجليلِ نَـتَـرَحَّـمُ على أرواحِ شهدائِنا البَـرَرَةِ، مُـجَـدِّدِينَ عَـهْـدَ الوَفاءِ على المُـضِيِّ على ذلكَ الدربِ المُـنِيرِ الذي رسموهُ بِدِمائِهم الزَكِـيةِ، حتى تجسيدِ إرادةِ شعبِنا السَـيِّدَةِ في التَـمَـتُّـعِ بِكامِلِ حُـقوقِهِ المَشروعَةِ، وفي مقَدِّمَتِها إقامةُ دولتِهِ المُسْـتَـقِـلَّةِ، الجمهوريةُ الصحراويةُ، على كامِلِ تُرابِها الوَطَـنِي.

أجَدِّدُ التَـهْـنِـئَـةَ إلى الأَسْـرَى المدنِـيِّـينَ الصحراويينَ في السجونِ المغربيةِ، وفي مقدِّمَتِهم مجموعةُ اقديم إيزيك، ومن خلالِهم إلى جماهيرِ شعبِنا في كلِّ مواقِعِ تواجُدِها.

" إنْ يَـنْـصُرْكُـمْ اللهُ فَلا غَالِبَ لَـكُـمْ". " نَـصْـرٌ مِنَ اللهِ وفَـتْـحٌ قَـرِيبْ". صدقَ اللهُ العظيم.

قوة، تصميم وإرادة، لفرض الاستقلال والسيادة.

عيدُكم مبارَكٌ سعيدٌ، والسلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ تعالَى وبركاتُه.