صواب قرار علاج إبراهيم غالي في اسبانيا.

بقلم حدمين مولود سعيد.

لماذا ليس بإمكان هذا الشخص البارز العلاج في بلده؟ في الجواب على السؤال تكمن مسؤولية اسبانيا و يكمن أيضا قرار قبول استضافته.

عادة نكررعبارة: "اسبانيا لها مسؤوليات قانونية وتاريخية وأخلاقية فيما يتعلق بالصحراء الغربية".

ما معنى المسؤوليات الأخلاقية؟

لماذا نقول أن اسبانيا هي القوة المديرة؟ وما معنى ذلك؟

أليس لإسبانيا أهلية أكبر من الجزائر أو أي بلد آخر فيما يخص العناية بمصير الشعب الصحراوي؟ و في زمن تم فيه الإعلان عن جائحة عالمية، من هو المسؤول الأول عن تأثير تلك الجائحة على الصحراويين؟ من يتحمل العناية بالصحراويين؟ من أولى بعلاج زعيم الشعب الصحراوي؟

أليس علاج غالي في اسبانيا هو تحمل اسبانيا جزء من مسؤولياتها الاخلاقية والقانونية والتاريخية؟

إن استضافة اسبانيا لزعيم الشعب الصحراوي هو بمثابة الحد الأدنى من تحمل مسؤولياتها تجاه هذا الشعب. 

اسبانيا تدرك جيدا ان لها مسؤوليات كبيرة تجاه هذا الشعب و ليس بإمكانها تجاهلها.

لماذا المغرب يصل إلى هذا المستوى من الحماقة مع اسبانيا؟ استدعاء السفير الاسباني في الرباط، تصريحات إعلامية لوزير خارجيتهم، بيان ناري من الخارجية المغربية، بيان عن زبائن القصر الملكي التي يسمونهم الأحزاب السياسية؟ لماذا كل هذا الضجيج؟

ما يُفسر هذا التصرف الصبياني للمغرب هو أنه يدرك جيدًا أن الاستضافة تذكر العالم أجمع بأن اسبانيا لها مسؤوليات قانونية وتاريخية وأخلاقية، المترتبة عن صفتها كقوة مديرة للصحراء الغربية. وهذا التذكير في حد ذاته هو أسوا ما يمكن أن يسمعه المغرب في زمن أصبح يظن ان تغريدة الرئيس الأمريكي السابق على تويتر شكلت الحل النهائي. هذا هو الامر الذي حقًا أدى بالمغرب إلى حالة مؤسفة من العصبية. 

ولصرف نظر الرأي العام الدولي عن هذه القضايا، جيّش المغرب آلته الدعائية و أطلق حملة شرسة لتشويه الرئيس الصحراوي. والمؤسف هنا هو أن بعض الصحراويين سقطوا في الفخ و انتهى بهم الأمر مؤمنين برواية العدو و دعايته.

في ما يخص الملاحقة القضائية المزعومة (في الحقيقة لا ؤجود لها)

  • أولا.

فيما يخص الشكوى التي كانت مطروحة سنة 2016 فهذه الشكوى حظيت بمشوار قضائي قصير جدًا لأن قاضي المحكمة اصدر قرار حفظ الملف القضائي، أي أرشفته. قرار حفظ الملف القضائي أو أرشفته تم إنطلاقا من عدم رد السلطات القضائية الجزائرية التي أرسلت لها المحكمة الاسبانية طلب مساعدة قضائية في تاريخ 17 يوليوز 2017. وهذه المساعدة القضائية المطلوبة من السلطات الجزائرية لم ترى النور أبدًا لأنه ببساطة حدود صلاحية القضاء الجزائري تنتهي عند بداية حدود صلاحية القضاء الصحراوي. إذن ليس بإمكان أي قاضي جزائري الدخول في أمور من شأنها أن تمس من سيادة بلد مجاور.

وبالرغم من أن أصحاب الشكوى تقدموا بطعن ضد قرار حفظ الملف القضائي هذا، إلا أن المحكمة المتكونة من ثلاثة قضاة، المعنية بالبت في قضية الطعن أصدرت قرار بتاريخ 01 ديسمبر 2020 الماضي، رفضت من خلاله طعن أصحاب الشكوى و قامت بتزكية قرار حفظ الملف القضائي (أرشفته) الذي نطق به قاضي التحقيق في المحكمة. إذا حاليا، ومن قبل دخول الرئيس إبراهيم غالي التراب الاسباني، هذه الدعوى تعتبر واقعيا دعوى ميتة، لا وجود لها.

  • ثانيا.

الدعوى الأخرى التي ذكرتها وسائل الاعلام هي دعوى تقدم بها مواطن اسباني من أصل صحراوي بحجة ما قال انها انتهاكات وقعت في صيف سنة 2019. لكن الحديث عن جرائم ضد الإنسانية في سنة 2019 جعل الشكوى تفتقد مصداقية امام اعين القاضي و بالرغم من بعض إجراءات التحقيق لا يوجد أي شيء يتعلق بشخص الرئيس إبراهيم غالي. و من نافلة القول أن هذه الشكوى سيكون لها مشوار قضائي أقصر بكثير من تلك التي سبقتها.

إذا في الخلاصة يمكننا القول أن قرار علاج الرئيس إبراهيم غالي في اسبانيا هو قرار صائب و ان كل الشائعات حول الملاحقة القضائية المزعومة هدفها هو تشويه صورة كفاح الشعب الصحراوي و صرف النظر عن قرار اسبانيا الشجاع بتحمل علاجه فوق أراضيها.