كيف تمكنت جبهة البوليساريو من تنفيذ هجمات عسكرية داخل الأراضي المغربية؟

بئر لحلو، 23 يناير 2020 (ECSAHARAUI)

في 21 يناير كانون الثاني 2021 ، بعد ساعتين ونصف من نشر البيان العسكري رقم 70، نشرت وكالة الأنباء الصحراوية الرسمية خبر تحت عنوان: "وصلت وحدات الجيش الصحراوي إلى الوركزيز ونفذت هجوما في لبعاج و طارف بوهندة في قطاع توزيكي ". (https://www.spsrasd.info/news/ar/articles/2021/01/21/30527.html)

أين تقع هذه المنطقة التي تعرضت للهجوم، هل بعيدة جدًا أو قريبة من حدود الصحراء الغربية؟
وكيف وصلت وحداتنا إلى ذلك المكان؟

لتحقيق ذلك من الواضح أنه كان على البوليساريو الإستعانة بالتقنيات الحديثة لتعميم أخبار الحرب، على الأقل، إلى تأطير المعلومات المتعلقة بالحرب. إن الأخبار السارة للغاية حول الهجوم داخل الأراضي المغربية تثير معنويات شعبنا بدرجات كبيرة، ولكنها تتطلب أيضًا وضع سياق أكبر للمعلومات التي نريد إيصالها، خاصة عندما تأتي هذه الحاجة إلى السياق من بعيد، فهي تأتي منذ وقت طويل.

لسنوات سمعنا عن عمليات جبهة البوليساريو والجمهورية الصحراوية في مكافحة تهريب المخدرات من المغرب. في الواقع، تشتهر منطقة بوگربة حيث جرت الأعمال العسكرية يوم أمس، بكونها مسرحا لعدد كبير من عمليات الجيش الصحراوي ضد تهريب المخدرات المغربية.

في سياق البيانات العسكرية اليومية لعمليات القصف التي تنفذها وحدات جيش التحرير الشعبي الصحراوي، قد يعتقد البعض أن منطقة بوگربة تقع داخل أراضينا أو  على الأقل قريب جدًا من حدود بلدنا. فعلى سبيل المثال، لا يوجد دليل على أن وسائل الإعلام الصحراوية قد أوضحت أن البوليساريو تسيطر على قطاع من الأراضي المغربية يبلغ طوله حوالي 110 كيلومترات، وهو ضعف طول سواحل شبه جزيرة الرأس الأبيض، في أقصى الجنوب الغربي من الصحراء الغربية، خلف منطقة الگرگرات. هذا هو الشريط الذي يمتد من خط العرض 27.40 (خط الحدود) إلى الجدار المغربي عند قمم الواركزيز. هذا الشريط ضيق للغاية يمكن أن يصل إلى ما بين ثلاثة عشر كيلومترًا إلى ثمانية عشر كيلومترًا.

لم تشير أية تقارير أن البوليساريو تغطي عسكريا قطاعات تشمل الأراضي المغربية على غرار شريط يبلغ طوله أكثر من مائة كيلومتر من الأراضي المغربية المتاخمة للأراضي الصحراوية، كما أن الرأي العام المغربي لا يعرف أيضا أن هناك قطاعًا من أراضيه يخضع لسيطرة البوليساريو ولا يعرف أن بئر بوگربة وأشجار النخيل الواقعة شمال شرق مدينة الزاك المغربية وعلى بعد 90 كيلومترًا شمال الحدود الصحراوية تخضع لسيطرة البوليساريو.

لكن الحقيقة هي أن إرث من سنوات الحرب المجيدة، أصبح القطاع تحت سيطرة البوليساريو، مما سمح لوحداتنا بدرجة معينة من حرية الحركة داخل الأراضي المغربية، ولعل أكثر ما يُقيم الدليل على ذلك البيان الذي صدر في وقت متأخر من يوم الخميس 21 يناير، يشير إلى عمليات قصف لجبهة البوليساريو في لبعاج وطارف بوهندا التابعين للقطاع العسكري المغربي في توزكي.

تقع قاعدة لبعاج ، أو T1 حسب الوصف المغربي، وهي للتوضيح أكثر القاعدة الأولى على جدار العار المغربي، محاذية للمنحدرات الجنوبية لقرية الواركزيز وبعض دعائمها أو قواعدها الفرعية في أعلى سلسلة الجبال نفسها وأخرى عند سفح السلسلة، شرق واد لبطانة. فيما يقع طارف بوهندة عند المنحدر الشمالي من منطقة لحمادة، شمال قاعدة T7.

ومع الأخذ في الاعتبار أن الجدار العسكري المغربي عبارة عن خط متصل بقواعد وقواعد فرعية ما بين كيلومترين إلى أربعة كيلومترات، فإن هذه القاعدة T7 تقع بالضبط في الجزء الشمالي من منطقة لحمادة. بمعنى آخر، أنها آخر قاعدة المغربية شمالا، وتتمركز في سهل الحمادة.

هذه المنطقة المستهدفة،  هي رأس الجدار الذي يغطي المنحدر الشمالي للحمادة، يمتد على طول عشرين كيلومترًا في وادي لبطانة الشرقي، ثم إلى أعلى سلاسل جبال الواركزيز ، حيث تقع القاعدة T1، ثم تليها القاعدة T7، ذات الموقع المعقد بحكم التضاريس الجبلية التي تجعلها غير عملية لوحداتنا في ظل أدنى ظروف أمنية.

لماذا، إذن، من الضروري وضع قراءة أكبر لهذا النوع من الأعمال القتالية؟

أن جهل جغرافيا المنطقة يقلل من وزن وجرأة إجراءات وحداتنا القتالية، ولكن قبل كل شيء، لأن الحساسية الجيوستراتيجية الهائلة للمنطقة بأكملها تجعل من الضروري وضع سياق أكبر لتغطية العمليات أو بصريح العبارة إعطاء هذه العمليات حجمها على المستوى الإعلامي لما لها من أهمية ليس فقط على المستوى الداخلي أو التأثير على إصرار المغرب نفي الحرب ولكن لماهو أكثر إعطاء الصورة الحقيقة والقدرة والتطور الذين يمتاز بها جيش التحرير الشعبي الصحراوي.

أن التطور التكنولوجي، المتاح بنقرة واحدة ، يضع في متناول أي شخص معرفة الموقع المستهدف وصعوبة تحقيق ذلك دون جيش متطور، وهذا ما لم تصل له البيانات الصادرة عن وزارة الدفاع الوطني لإفتقارها للمعلومات الدقيقة فيما يتعلق بالحرب وبعمليات القصف المتواصلة منذ 13 نوفمبر . وهذا يثير بعض الإرتباك من خلال عدم وضع المعلومات التي تقدمها في سياقها المناسب.

تعكس الخريطة أدناه قطاعًا كبيرًا نسبيًا من الأرض كانت خارج تغطية وسائل الإعلام لدينا. بعبارة أخرى ، فإن غالبية الذين يتلقون الأخبار حول الهجمات داخل المغرب لا يعرفون تفاصيل أكثر عن جغرافيا المنطقة المستهدفة، ولا يدركون أن البوليساريو تقطع أكثر من مائة كيلومتر داخل الأراضي المغربية نفسها، مما يجعل الأمر أكثر صعوبة في فهم واستيعاب المعلومات المنقولة.

بالعودة إلى عملية قصف تويزگي، من الواضح أن جبهة البوليساريو لتحقيق توغل في الأراضي المغربية، كان عليها عبور ممر ضيق جدا، بين الجدار المغربي من الغرب والحدود المغربية الجزائرية من الشرق، هذا الأخير يمكن أن يعتبره البعض أنه ساهم في رفع نسبة هامش المناورة، من الجانب الشرقي للممر المذكور ، لأنه ببساطة يقع على حدود لدولة صديقة، إلا أن ذلك لوحده لن يجعل الأمور سهلة كذلك.

من أي جهة أتت وحدات البوليساريو للتوغل في المغرب؟

لقد إنطلقت وحدات الجيش الصحراوي قادمة من قواعدها، الواقعة خارج الحدود الجنوبية لكواديم، في منطقة بير لحلو، ويتعين على وحدات البوليساريو التوجه شمالاً، مروراً بممر ضيق يوجد على الجانب الغربي جدار مغربي و على الجانب الشرقي يوجد جدار جزائري.

بعبارة أخرى ، لأكثر من 180 كيلومترًا ، تنتقل وحدات البوليساريو عبر منطقة بها صعوبات هائلة ومخاطر وتداعيات جيوستراتيجية.

عليهم أن التنقل بطول 180 كيلومترًا في اتجاه واحد وبنفس القدر ، مع وجود جدارين على كلا الجانبين يجب أن يحافظوا بهما على مسافة معقولة، عندما تتجاوز المسافة بين هذين الجدارين في بعض المناطق ثلاثة عشر كيلومترًا بالكاد.

يجب أن نتذكر أنه منذ سنوات، كان للبوليساريو مركز مراقبة لمكافحة المخدرات المغربية، تم إنشاؤه في بئر بوگربة. يقع هذا البئر شمال شرق القاعدة T7.


إليكم صور القواعد المغربية التي وقعت في مناطقها هجمات البوليساريو: