ممثل جبهة البوليساريو لدى الأمم المتحدة يُفند مزاعم مندوب الاحتلال المغربي حول تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية

نيويورك، 18 ديسمبر 2020 (ECSAHARAUI)

الدكتور سيدي محمد عمار: ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة. 

من جديد يتمادى مندوب دولة الاحتلال المغربي لدى الأمم المتحدة في هوسه المعهود بالتدليس والتضليل واجترار المغالطات بهدف محاولة إيهام الرأي المغربي حين زعم زوراً أن قضية الصحراء الغربية ليست قضية تصفية استعمار وأن إنهاء الاستعمار من الإقليم "تم بشكل نهائي طبقا الاتفاق مدريد".

ومن المستهجن بالفعل أن تصريح هذا الشخص الذي يمثل دولة احتلالقد جاء في إطار الفعالية الجانبية الافتراضية التي نُظمت نهار أمس لإحياء الذكرى الستين للإعلان الخاص بمنح الاستقلال للدول والشعوب المستعمَرة التي شاركت في استضافتها البعثات الدائمة لكل من الاتحاد الروسي وجمهورية جنوب إفريقيا وجمهورية فيتنام الاشتراكية لدى الأمم المتحدة.

وقد أجمعت كل الدول المشاركة على ضرورة الالتزام بتطبيق الإعلان الخاص بمنح الاستقلال للدول والشعوب المستعمَرة والإسراع في تمكين شعوب الأقاليم السبعة عشر الخاضعة لعملية تصفية استعمار، بما فيها إقليم الصحراء الغربية، من ممارسةحقوقها الثابتة في تقرير المصير طبقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بينما عبرت العديد من الدول عن دعمها القوي لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال طبقاً لقرار الجمعية العامة 1514 (د- 15)، ومطالبتها بضرورة إنهاء الاستعمار من آخر مستعمرة في إفريقيا.

إن كون قضية الصحراء الغربية مسألة تصفية استعمار أمر لا لبس ولا جدال فيه ولا يمكن لدولة الاحتلال المغربي ولا لغيرها طمس هذه الحقيقة. فمنذ تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة لقرارها 1956 (د-88) في 11 ديسمبر 1963، الذي صادقت بموجبه على إدراج الصحراء الغربية ضمن قائمة الأقاليم التي يتعين إنهاء الاستعمار منها، والجمعية العامة تناقش كل سنة قضية الصحراء الغربية من خلاللجنة المسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار (اللجنة الرابعة) واللجنة الخاصة المعنية بحالة تنفيذ إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمَرة (لجنة الأربعة والعشرين) اللتين تتناولان القضية باعتبارها مسألة تتعلق بإنهاء الاستعمار، كما أكد على ذلك مؤخراًالأمين العام للأمم المتحدة في الفقرة الثانية من تقريره (A/75/367) حول الصحراء الغربية المؤرخ 29 سبتمبر 2020 والمُقدم للجمعية العامة في دورتها الخامسة والسبعين.

وقد تم تأكيد موقف الأمم المتحدة الثابت هذا من خلال القرار رقم (A/RES/75/106) الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة حول الصحراء الغربية بتاريخ 10 ديسمبر 2020، الذي جددت فيه التأكيد على مسؤولية الأمم المتحدة حيال شعب الصحراء الغربية، وطالبت اللجنة الخاصة المعنية بحالة تنفيذ إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمَرة أن تواصل النظر في الحالة في الصحراء الغربية باعتبارها إقليماً خاضعاً لإنهاء الاستعمار منه وأن تقدم تقريراً عن ذلك إلى الجمعية العامة في دورتها السادسة والسبعين.

أما فيما يتعلق باتفاقية مدريد أو "إعلان مبادئ مدريد" الموقع بين إسبانيا وموريتانيا والمغرب في 14 نوفمبر 1975 فهي اتفاقية لاغية وباطلة قانوناً لعدة أسباب لا مجال لسردها هنا، ولكن يبقى من أهمها حقيقية أن الاتفاقية المذكورة خرقت قاعدة ملزمة وذات حكم قطعي (jus cogens) في القانون الدولي العام والمتمثلة في حق الشعوب في تقرير المصير.

ويكفي هنا فقط الإشارة إلى إحدىالحجج القانونية الهامة التي تدحض مزاعم دولة الاحتلال المغربي بهذا الخصوص والمتمثلة في الرأي القانوني الذي أصدره نائب الأمين العام للأمم المتحدة المكلف بالشؤون القانونية والمستشار القانوني،وبطلب من مجلس الأمن، بتاريخ 29 يناير 2002 الذي أكد فيه بكل جلاء "أن اتفاقية مدريد لم تنقل السيادة على الإقليم، كما أنها لم تعطِ لأي من الموقعين مركز الدولة القائمة بالإدارة—وهو مركز لم يكن بوسع إسبانيا لوحدها أن تنقله من جانب واحد".

إن حقيقة أن اتفاقية مدريد لم تنقل السيادة على الصحراء الغربية، كما أثبت المستشار القانوني للأمم المتحدة، تدحض زعم المندوب المغربي وتؤكد أن الوجود المغربي في الصحراء الغربية هو احتلال بالقوة، وهو الأمرالذي شجبته الجمعية العامة للأمم المتحدة بشدة في قرارها 34/37 المؤرخ 21 نوفمبر 1979 والقرار 35/19 المؤرخ 11 نوفمبر 1980 والقرارات الأخرى ذات الصلة.

وكمثال على تدليسه المعهود وجهله أو تجاهله لنص وروح قرارات الأمم المتحدة وأدبيتها القانونية، استشهد مندوب دولة الاحتلال بقرار الجمعية العامة (A/RES/3458(XXX)-B) المؤرخ 10 ديسمبر 1975 الذي "يحيط علماً بالاتفاقية الثلاثية" الموقعة في مدريد يوم 14 نوفمبر 1975. لكن ما أخفاه عمداً كبير المدلسين عن رأيه الداخلي هو الفرق بين "مصادقة" الجمعية العامة على مسألة ما، وهو ما لم يحدث قط في هذه الحالة، ومجرد "أخذها بالعلم" لأمر ما لمجرد كونه قد عرض عليها. وهكذا، فالأمم المتحدة لم تصادق أبداً على الاتفاقية المذكورة ولم تأخذ قط بها لتعطيل عملية تصفية الاستعمار من الصحراء الغربيةوكل قراراتها اللاحقة تؤكد ذلك بما فيها القرار الأخير الذي تبنته الجمعية العامة للأممالمتحدة يوم 10 ديسمبر 2020.

هذه هي الحقائق الدامغة التي لن يستطيع مندوب دولة الاحتلال المغربي لدى الأمم المتحدة ولا غيره أن يطمسها مهما أمعن فيهلوسته وتدليسه المعهود فقرارات الأمم المتحدة واضحة وموقفها من مسألة تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية موقف وبين ويترسخ يوم بعد يوم.