لقاء خاص مع السيد ''أبي بشراي البشير'' المرشح الحائز على أكبر عدد من الأصوات للأمانة الوطنية لجبهة البوليساريو في مؤتمرها الأخير

 السفير : السيد أبي بشراي البشير.

******

1- متى وما هي الأسباب التي أدت إلى إنخراطك في العمل الدبلوماسي؟ 

كباقي مناضلي لجبهة في مختلف المهام الوطنية، انخراطي في العمل الدبلوماسي كان تكليفا أكثر مما هو اختيار. البداية كانت فور عودتي من الدراسة والتحاقي باللجنة الصحراوية للاستفتاء صيف 1991 وبالتالي تواجدي منذ البداية في عمق معترك التسوية الأممية والعلاقة ببعثة المينورسو التي كانت تحضر تنظيم استفتاء تقرير المصير. خلال ربيع 1997 التحقت بوزارة الخارجية الصحراوية كمدير لقسم الشؤون السياسية والإعلام وهو المنصب الذي إحتفظت به إلى غاية تعييني ممثلا للجبهة في هولندا سبتمبر 2001 بعد فترتي تكوين ماجستير في إسبانيا وفرنسا. بعد هولندا، كان لي عبور قصير كممثل للجبهة في المملكة المتحدة، لكن مسيرتي الدبلوماسية المكثفة بدأت مع تقلدي منصب سفير الجمهورية الصحراوية لدى جنوب أفريقيا ما بين 2005 و 2008 وهي تجربة مهمة جدا بالنظر إلى الفرصة التي أتيحت لي في التعاطي مباشرة مع القادة التاريخيين للمؤتمر الوطني الأفريقي وما تعلمته منهم مباشرة. ثمانية سنوات بعد بين 2008 و 2016 قضيتها سفيرا للجمهورية في نيجيريا، وبالرغم من طول مدتها الزمنية، إلا أنها كانت على درجة عالية من الكثافة والتنوع والغنى. محطة نيجيريا، أعتبرها العلامة المميزة في مسيرتي الدبلوماسية والتجربة الدبلوماسية التي مكنتني من الفعل وفق فهمي الحقيقي لعمل سفير دولة وحركة تحرير في الوقت ذاته. لقد كنت مطالبا بالمزاوجة بتوازن بين عمل ممثل حركة تحرير صباحا بما يتطلب ذلك من إتصالات مع النقابات والأحزاب والصحافة وهيئات المجتمع المدني وتأسيس حركة التضامن، ومساء كسفير دولة مطالب بتعزيز العلاقات الثنائية مع البلد المضيف ومع سفراء الدول الأخرى. الوصول لمنصب عميد السلك الدبلوماسي المعتمد في أبوجا والمتكون من أكثر من 120 سفارة كان تقديرا من البلد المضيف وتعبيرا عن الاحترام الذي تحظى به قضية شعبنا لدى غالبية دول العالم. مرحلة فرنسا ما بين 2016 واليوم، هي الأخرى كانت مهمة، خاصة فيما يتعلق بالاختراقات السياسية، الإعلامية والقانونية بالرغم من الفراق الكبير في موازين القوة ما بيننا والمغرب ضمن السياق الفرنسي.

2- في أكثر من مناسبة تحدثت في قناة فرانس24 عن الوضع الراهن في الصحراء الغربية…نود منك أن تشرح لنا بأختصار الوضع الراهن في الصحراء الغربية، المؤتمر الأخير لجبهة البوليساريو و معركة الثروات الطبيعية.

الوضع الراهن في الصحراء الغربية، يكون قد دخل لحظة منعطف من مستوى معين، وأعتقد أن المؤتمر الخامس عشر للجبهة قد وضع لبنات مهمة في هذا الصدد. فبعد بيان 30 أكتوبر 2019 وتنظيم المؤتمر في تفاريتي المحررة، كانت رسالة الرئيس الأخيرة للأمين العام للأمم المتحدة خطوة أخرى تجاه إعادة قطار سكة التسوية على أسس صحيحة. فيما عدا ذلك، الصحراويين لم يعودوا مستعدين لمواصلة مطاردة السراب، والمؤتمر كان صريحا في تكليف القيادة بأجرأة وتفعيل هذا التصور السياسي. نحن مطالبون بإدارة الكفاح الوطني في بعده الشمولي، وخاصة ما يتعلق منه بمسار التسوية بطريقة مختلفة عما سبق. بيد ان الأهم هو أن نفهم جميعا أن تفعيل ذلك التصور يتطلب بالضرورة تضافر جهودنا جميعا لخلق الزخم المطلوب في مختلف واجهات الكفاح لجعلنا ندخل المنعطف ونحن في أفضل رواق. الموضوع يتعلق، في النهاية، بتعزيز أوراق الضغط وبالتالي ربح معركة موازين القوة مع الاحتلال وهو ما يتطلب الانخراط في المرحلة الجديدة بكثير من الفعل وقليل من القول. في هذا الإطار فان ربح معركة الثروات الطبيعية في أفق الطعن المقدم للمحكمة الأوروبية يعتبر ورقة مهمة في الضغط وتعزيز عناصر القوة ونحن لدينا ثقة كبيرة في ربحها وبالتالي التأثير على علاقات المغرب مع حلفائه الأوروبيين وضرب اقتصاد الاستعمار في الصحراء الغربية. واجهات الكفاح كلها مهمة، وأي منها لا تلغي أهمية الأخرى.


3- تربعت على رأس لائحة الأمانة العامة لجبهة البوليساريو في مؤتمرها الأخير… ما هو الدافع الرئيسي للترشح لهذا المنصب؟

أنا لم أترشح، وإنما تم ترشيحي من طرف لجنة انتخابات المؤتمر، وموضوع انتخابي في الأمانة الوطنية للجبهة، لا أعتبره إنتخابا لي كشخص وإنما تصويت ثقة وأمل في جيل بكامله. أعتز بالثقة، وأعرف أنها حمل كبير وأن جزءا كبيرا من نجاح الجيل المؤسس للجبهة هو إنتاج البديل الآمن والمؤتمن على قيادة الحركة ومواصلة النضال لتحقيق هدفها الرئيس المتمثل في الاستقلال الوطني.

4- بالنظر إلى السيناريو الحالي الذي توجد فيه القضية الصحراوية… هل لا زالت الجبهة الشعبية تؤمن بالحل السلمي؟

كما أسلفت المؤتمر كان واضحا في هذا الصدد، لكنني أضيف أن المشكل ليس في الحل السلمي بحد ذاته كمقاربة قد تؤدي للحل العادل الذي يضمن حقوقنا الوطنية الثابتة، لكن قد تكون في الطريقة التي أدرنا بها مسار التسوية ضمن سياق المقاومة الوطنية الشاملة. فالكفاح كالمعزوفة، تتطلب بالضرورة لكي تشد الأسماع والأفئدة أن تتحكم في استخدام النوطات الموسيقية بشكل متنوع ولكن متناسق. متى ما اردت الاعتماد على نوطة واحدة طيلة الوقت كله، فان المعزوفة تنسحب تاركة المجال للرتابة فقط. المؤتمر دعا إلى إعادة تأليف الموسيقى بما يضمن حضورا وتحضيرا لكل النوطات بما فيها الكفاح المسلح.

5- ما هي الرسالة التي توجهها إلى الشعب الذي أعطاك صوته، خاصة الشباب الصحراوي؟

ليست ثمة رسالة بمعزل عن الرسالة التي قد يتوجه بها أي صحراوي وهي أننا لا نملك خيارا آخر سوى الكفاح والمقاومة. ما نحن بصدده في هذا المسار النضالي لا يتعلق بحقوق جزئية وانما حق الحقوق أي الحق في الوجود تحت شمس هذا العالم. وبالتالي فالرهان عظيم وكبير وهو يتعلق بالوفاء لعهد رجال ونساء سقطوا في هذه المسيرة وبمستقبل أجيال بعضها ما زال في الأرحام في أن نترك لهم وطنا حرا ككل شعوب المعمورة. وللشباب الكلمة الفصل في هذا الموضوع كما للحركة مسؤولية كبرى في تمكين الشباب من لعب دوره كاملا غير منقوص لأحداث النقلة النوعية التي نصبو اليها جميعا.


6- في الأخير، ماهي المهمة أو الوزارة التي يمكن أن تشغلها في الحكومة الجديدة المقبلة ؟

لا أدري، تلك صلاحيات حصرية للأمين العام للجبهة ورئيس الجمهورية في إتخاذ القرار بتحديد مسؤوليات أعضاء القيادة المنتخبة.