رسالة الرئيس الصحراوي والأمين العام لجبهة البوليساريو إلى الأمين العام للأمم المتحدة


السيد أنطونيو غوتيريش
الأمين العام للأمم المتحدة
بئر لحلو، 3 أكتوبر 2019
السيد الأمين العام،

لقد مرت أربعة أشهر منذ استقالة المبعوث الشخصي السابق للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية، السيد هورست كولر. ومنذ ذلك الحين لم يتم فعل الكثير للنهوض بعملية السلام التي تشرف عليها الأمم المتحدة في الصحراء الغربية. وقد أدى التأخير في تعيين مبعوث شخصي جديد إلى شل العملية السياسية، ونتيجة لذلك فإننا الآن أمام خطر العودة إلى مربع "إبقاء الأمور على حالها" في الصحراء الغربية.

فقد توقف التقدم على المسار السياسي على الرغم من التنازلات الكبيرة والتضحيات التي قدمتها جبهة البوليساريو صراحةً لمساعدة المبعوث الشخصي للأمم المتحدة على النجاح في مهمته ولتهيئة المناخ الملائم للشروع في مفاوضات بناءة. وعلى الرغم من محاولات بعض الأطراف للانحراف عن المعايير التي وضعتها الأمم المتحدة بخصوص قضية الصحراء الغربية وبالرغم من تعنت المغرب واستفزازه، فقد مارسنا قدراً كبيراً من ضبط النفس وانخرطنا بشكل إيجابي في العملية السياسية.

وعلى النقيض من ذلك، فقد كثف المغرب، القوة المحتلة للصحراء الغربية، أعماله المزعزعة للاستقرار في الإقليم، والتي تهدد بشكل خطير بتقويض عملية الأمم المتحدة للسلام وتعريض السلام والاستقرار في المنطقة بأكملها للخطر. وعلاوة على ذلك، فإن القيود غير المقبولة التي يفرضها المغرب على بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية وإخفاق هذه الأخيرة في تنفيذ مهمتها بما يتماشى مع معايير الأمم المتحدة الأساسية لحفظ السلام قد أدى إلى تقويض سير عمل البعثة بشكل كبير وكذلك مصداقيتها في نظر شعبنا. ولذلك فقد أصبح من الضروري أن لا تتم إضاعة المزيد من الوقت لإعادة بعث الزخم في العملية السياسية لأن أي تأخير إضافي لن يؤدي إلا إلى تفاقم التوتر على الأرض وتراجع الثقة في المسار السياسي.

وإننا نأمل بصدق ألا يكون التأخير في تعيين مبعوث شخصي جديد للأمم المتحدة بسبب الشروط المسبقة التي يفرضها المغرب. فالتصريحات الصادرة مؤخراً عن المسؤولين المغاربة لا تدع مجالاً للشك بشأن نية المغرب المتمثلة في استمراره في سياسة العرقلة والمماطلة الرامية إلى ترسيخ احتلاله الهمجي وغير الشرعي لأجزاء من ترابنا.

إن جبهة البوليساريو لن تسمح—كما يجب على الأمم المتحدة أيضا أن لا تسمح—بأن تكون عملية الأمم المتحدة للسلام في الصحراء الغربية رهينة للشروط المسبقة ولإملاءات المغرب، الذي يتمثل هدفه الوحيد في تحريف مسار عملية تصفية الاستعمار في الإقليم وترسيخ احتلاله المفروض عسكرياً على أجزاء من ترابنا الوطني. ولذلك، ندعوكم على وجه الاستعجال أن تستخدموا سلطتكم لضمان استئناف عملية السلام بشكل جاد وكف المغرب عن تصرفاته المزعزعة للاستقرار التي تهجج التوتر وتزيد من تفاقم الوضع على الأرض.

إننا نشعر بالقلق بشكل خاص إزاء الثغرة المغربية غير القانونية في المنطقة العازلة في الكركارات التي تعد انتهاكاً واضحاً لوقف إطلاق النار والاتفاقية العسكرية رقم 1. إن الأمم المتحدة مطالبة بمعالجة هذه القضية بجدية وفعالية باعتبارها بؤرة توتر دائم يمكن أن تشعل فتيل الحرب في أي لحظة. إن التوغلات المتكررة للعملاء المغاربة في المنطقة العازلة تمثل أيضاً انتهاكاً واضحاً وخطيراً لبنود الاتفاقية العسكرية رقم 1. كما أن هذه الأعمال تتعارض مع روح خطة السلام وتنتهك قرار مجلس الأمن رقم 2468 (2019)، الذي أكد من جديد على الحاجة إلى الاحترام الكامل للاتفاقات العسكرية التي تم التوصل إليها مع بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية فيما يتعلق بوقف إطلاق النار ودعا الطرفين إلى الامتناع عن أي أعمال من شأنها أن تقوض المفاوضات التي تيسرها الأمم المتحدة أو تزيد من زعزعة استقرار الوضع في الصحراء الغربية. وما لم يتوقف المغرب عن نشر عملائه من المنطقة العازلة، فإن الوضع في المنطقة سيسير نحو التصعيد.
السيد الأمين العام،

لا يجب التقليل من شأن عواقب ترسيخ الوضع القائم في الصحراء الغربية، فالتوتر يتصاعد في الأراضي الصحراوية المحتلة في وقت تزداد فيه عمليات القمع المغربية. لقد مارست جبهة البوليساريو حتى الآن قدراً كبيراً من ضبط النفس وما زلنا نتمسك بوقف إطلاق النار وعملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة. ومع ذلك، فإنه سيكون من الخطأ اعتبار مشاركتنا البناءة والمستمرة كأمر مفروغ منه وخاصة في غياب أي تقدم ملموس على المسار السياسي. كما أنه سيكون من الخطأ بالنسبة للمغرب أن يحاول اختبار صبر شعبنا الذي هو أكثر تصميماً من أي وقت مضى على الدفاع عن حقوقه وتطلعاته الوطنية المشروعة.
لقد ظل شعبنا يعاني لأكثر من 40 سنة من العواقب الوخيمة للاحتلال المغربي غير الشرعي لأرضنا. فقد تم التنكر لحق شعبنا الأساسي في تقرير المصير، بينما يتم وبنحو ممنهج انتهاك حقوق الإنسان الأساسية لمواطنينا من النساء والرجال والأطفال في المناطق الصحراوية المحتلة بالإضافة إلى نهب مواردنا الطبيعية. وبينما نظل متقيدين تقيداً تاماً بالتزاماتنا بموجب وقف إطلاق النار والاتفاقيات العسكرية ذات الصلة، فإننا نحتفظ بحقنا المشروع في الرد على جميع الأعمال العدوانية التي تقوم بها دولة الاحتلال المغربية.

سيشرع مجلس الأمن خلال الأيام المقبلة في نقاشه حول تجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية. إن تصاعد التوتر في الإقليم بسبب تصرفات المغرب التصعيدية والمزعزعة للاستقرار يتطلب رداً قوياً من الأمم المتحدة. والأجل المضي قدماً بعملية السلام، فإنه من الضروري تعيين مبعوث شخصي جديد للأمين العام يكون مؤهلاً ويتحلى بنفس قناعات سلفه القوية ومكانته وتصميمه. كما يجب أن يواصل مجلس الأمن ممارسة الضغط المحدد زمنياً لأجل تمكين المبعوث الشخصي القادم من الأدوات الضرورية لضمان الانخراط البناء في العملية السياسية.

وفي الختام، أود أن أؤكد من جديد دعمنا لجميع الجهود المبذولة من أجل استئناف المفاوضات المباشرة التي تقودها الأمم المتحدة بين طرفي النزاع بهدف التوصل إلى حل سلمي ودائم يحترم احتراماً كاملاً حق شعبنا غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال.

وأرجو ممتنا تضمين محتوى هذه الرسالة في تقريركم القادم إلى مجلس الأمن.

وتقبلوا، السيد الأمين العام، أسمى آيات التقدير والاحترام.
إبراهيم غالي
الأمين العام لجبهة البوليساريو.