بعد معركة تيكاد7، ألم يحن الوقت لرسم إستراتيجية هجومية على مستوى هيئات الإتحاد الإفريقي ؟

(وكالات) رئيس الجمهورية الصحراوية، السيد إبراهيم غالي 


شكل إنضمام المغرب إلى الإتحاد الإفريقي في 30 يناير 2017، نقلة نوعية في تاريخ نزاع الصحراء الغربية المنسي إلى حد ما في السابق سواء داخل محيطها القاري أو الدولية، فمثلا على صعيد الإتحاد الإفريقي كان صدى هذا النزاع محتشما وشبه محدود، حيث غالبا ما كانت تنعقد قمم ومؤتمرات وغيرها من الأنشطة دون أن نسمع ولو خبرا في الموضوع، قد يكون سبب ذلك راجع إلى عدم وجود أحد الأطراف داخل المنظمة وبالتالي تبقى قرارات الإتحاد غير ملزمة له أو قد بسبب تقصير من جانب الجمهورية الصحراوية وعدم إستغلالها لفرصة التواجد لوحدها داخل هذه المؤسسة القارية للحصول على قرارات ومواقف تدعم نضالها في إستكمال بسط السيادة على باقي أراضيها ودفع الإتحاد إلى أداء واجبه وفق ميثاقه التأسيسي في حماية وحدة أراضي البلدان الأعضاء، أو مثلا ''حث المفوضية على وضع مجموعة من الشروط الإلزامية في حال قرر المغرب العودة وأهمها إنهاء إحتلاله للصحراء الغربية، وكذلك فرض قرار ينص يمنع البلدان الأعضاء من إستيراد المنتوجات والموارد القادمة من الصحراء الغربية المحتلة''. 

وبالعودة إلى لخطوة دولة الإحتلال المغربي والتي ساهمت إلى حد كبير في إعادة بريق القضية الصحراوية وفتح ساحة جديدة للمعركة الدبلوماسية، كان يظن النظام المغربي إلى وقت قريب أنها ستخدم مشروعه الإستعماري، بل أبعد من ذلك تحقيق حلمه المستحيل في تعليق عضوية الجمهورية الصحراوية إحدى أهدافه الأساسية إلى جانب مجموعة من المساعي الخبيثة وراء فكرة الإنضمام المشبوهة إلى هذا الصرح الإفريقي الذي بدأ يأخذ بشكل تدريجي مكانة قوية بين المنظمات والهيئات الدولية والقارية، منافسا لإتحادات أخرى تضم دول قوية إقتصاديا ولها وزن في السياسة الدولية مثل بعض البلدان في الأعضاء في الإتحاد الأوروبي.

اليوم وبعد مرور سنتين ونيف على عودة المغرب '''الإبن العاق لإفريقيا''  نجحت الجمهورية الصحراوية في تحقيق نقطتين هامتين، إحداهم هو إعطاء صورة حسنة عنها بين بلدان الإتحاد الإفريقي وكذلك لدى الدول والهيئات التي تجمعها شراكة مع المنظمة القارية، رغم الأفعال والتصرفات الإستفزازية للنظام المغربي التي لا تمت بصلة للأعراف والتقاليد الدبلوماسية سواء خلال القمم القارية وإجتماع الإتحاد، أو تلك التي تجمعه مع شركاءه على سبيل المثال، الجامعة العربية، الإتحاد الأوروبي، اليابان وغيرهم…إلخ. أما النقطة الثانية تتمثل في الصورة الجيدة للدولة العصرية والحنكة السياسية التي أبان عنها دبلوماسييها، إضافة إلى حسن النية التي أظهرتها والإستعداد للحوار من داخل البيت الإفريقي الحاضن للدوليتن طرفي النزاع في الصحراء الغربية، بدلا منطق المناكفة وإفتعال مشاكل تعطل برامج الإتحاد وأشغال جلساته تعود بالسلب على مستقبل ووحدة دول وشعوب القارة.

لقد كانت عامين ونيف من الإلتزام والرزانة والمسؤولية التي أظهرتها الجمهورية الصحراوية كافية ليتأكد قادة القارة وبلدان العالم وكل المنظمات الشريكة لإفريقيا أن دولة الصحراويين عصرية المضمون وبإمتياز، تقبل الجلوس جنبا إلى جنب من الطرف الذي يخالفها الرأي، وتتخذ من الهدنة ولغة الحوار منطقا لحل جميع الأزمات مع الآخر بغض النظر عن إخطائه وإنتهاكه لسيادتها، وممارسة أبشع صور الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وجرائم الحرب ضد مواطنيها العزل في الأجزاء التابعة لأراضيها الواقعة تحت إحتلاله العسكري غير الشرعي بمموجب القانون الدولي وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في مقابل ذلك إختار المغرب أن يكون عدوا مع سبق الإصرار، بدلا من أخذ المكان الصحيح أي البلد الجار الذي يجمعه الدين، الجغرافيا والحدود المشتركة مع الجمهورية الصحراوية، وإستغلال أي حدث يرتبط بالإتحاد الإفريقي لشن هجومه على الجمهورية الصحراوية بالتطاول على عضويتها وحقوقها وتارة إثارة مشاكل وعرقلة الإجتماعات كما تابعنا في عدة مناسبات على سبيل المثال أديس أبابا، مالابو، مابوتو، أبيدجان، بروكسيل، نيامي ومؤخرا يوكوهاما التي كانت بمثابة الضربة القاضية للخطة (أ) من سياسة المخزن ضد الجمهورية الصحراوية والإتحاد الإفريقي، دفعته إلى خلق روايات سخيفة وأكاذيب للإستهلاك الداخلي ولحجب حقيقة الدولة الصحراوية ومشاركتها في أشغال قمة تيكاد7، أسقطته دون وعي في الإعتراف بفشله الذريع في التأثير على الإتحاد الإفريقي واليابان، والتسليم بإستحالة تحقيق كل تلك المساعي الوهمية التي بنى عليها أهدافه الرجعية والعنصرية.

إن ما حققته الدبلوماسية الصحراوية في قمة تيكاد7 أو مؤتمر يوكوهاما، يجب أن يكون بداية القطيعة مع السياسة الدفاع عن حقوق الدولة الصحراوية داخل الإتحاد الإفريقي، وإطلاق إستراتجية جديدة هجومية وعدم ترك أي هامش أو حرية التحرك للنظام المغربي، بالضغط عليه عن طريق كل الهيئات التابعة للمنظمة للإلتزام أولا بالقانون والميثاق التأسيسي للإتحاد ثم وضع هذا الأخير أمام مسؤولياته تجاه إستكمال الجمهورية الصحراوية لسيادتها على أراضيها، وضمان منع أي تصرف في موارد البلد الطبيعية ثم حماية مواطنيه من أي إنتهاك قد يرتكبه بلد أخر عضو في هذه المؤسسة القارية. لذلك فلابد من تدراس كيفية طرح القضية الصحراوية داخل مختلف تلك الهيئات كل حسب إختصاصها فيما يتعلق بالقضية، على سبيل المثال:
  •  برلمان عموم إفريقيا، بإعتباره السلطة التشريعية يجب إستغلال عضويتنا داخله لدفعه بناء على صلاحياته في مرافقة الشعب والمجتمع المدني الصحراوي في كفتجه الوطني، ومساعدته في إستعادة ارضه وبناء حكم ديمقراطي يضمن له حقوقه الأساسية ومستقبلا واعدا.
  •  الجمعية العامة للإتحاد الإفريقي، تضم رؤساء الدولة والحكومات، وهي هيئة رئاسية العليا أهمية مخول لها إتخاذ قرارات بالإجماع أو بأغلبية الثلثين وبالتالي فمن الضروري والمهم ربح قرارات لصالح القضية والجمهورية الصحراوية، تزيد من تحمل الإتحاد مسؤوليته في حماية أراضي بلد عضو، والعمل عى جلب دعم دولي لمخطط تصفية الإستعمار من الصحراء الغربية.
  • المجلس التنفيذي، التركيز عليه فيما يخص مسائل التجارة الخارجية وبالتالي إثارة ملف الموارد الطبيعية الصحراوية وإيجاد صيغة أو قرار من قبله يمنع أو يحث البلدان الأطراف في الإتحاد من إستراد منتوجات أصلها من الإقليم المحتلة، بإعتباره مسؤولا أمام الجمعية العامة عن إعداد المواد والقرارات لمناقشتها والموافقة عليها، وبالتالي نضيف حصار قانوني أخر على المغرب داخل إفريقيا كما هو شأن في أوروبا.
  • محكمة العدل الإفريقية والمحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، هي هيئات قضائية خالصة، الأولى  معنية بالبث في الخلافات الحاصلة حول تفسير لمعاهدات الإتحاد، والثانية يقع على عاتقها رصد وتعزيز إمتثال الأعضاء للميثاق الإفريقي الذي تتضمن المادة2 منه ''إزالة جميع أشكال الاستعمار من أفريقيا وتنسيق وتكثيف تعاونها وجهودها لتوفير ظروف حياة أفضل لشعوب أفريقيا وتنمية التعاون الدولي آخذة في الحسبان ميثاق منظمة الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان'.
  • مجلس الأمن والسلم الإفريقي، بما أنه الجهة المخولة لها تحقيق الأمن الجماعي للشعوب والمسؤول في الإبلاغ عن الأزمات والصراعات على أرض إفريقيا، ومنع وقوعها ثم تسويتها، فهو بالتالي له الجانب الأكبر من المسؤولية في نزاع الصحراء الغربية وحالة اللإستقرار التي بات يشهدها الوضع بين الفينة والأخرى، لذا يجب التركيز على جعل النزاع بين الجمهورية الصحراوية والمغرب موضوع أساسي ومحوري داخل المجلس وحثه على أخذ زمام المبادرة في تجاه الحل بدلا من الإعتماد فقط على الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي. 
  •  الجمعية العامة للإتحاد الإفريقي، تضم رؤساء الدولة والحكومات، وهي هيئة رئاسية العليا أهمية مخول لها إتخاذ قرارات بالإجماع أو بأغلبية الثلثين وبالتالي فمن الضروري والمهم ربح قرارات لصالح القضية والجمهورية الصحراوية، تزيد من تحمل الإتحاد مسؤوليته في حماية أراضي بلد عضو، والعمل عى جلب دعم دولي لمخطط تصفية الإستعمار من الصحراء الغربية. 
  • اللجان الفنية المتخصصة، بما أن هي الأخرى مهمتها تقديم المشورة إلى الجمعية العامة للإتحاد الإفريقي، في مجموعة من المواضيع من بينها الموارد الطبيعية في من المستحسن كذلك إثارة النهب الذي تتعرض الموارد الطبيعية للدولة الصحراوية من قبل المغرب البلد العضو هو لأخر في المنظمة القارية، ما من شأنه أن يشكل ضغطا على الجمعية العامة في إتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا الموضوع.

وفي ظل كل التطورات التي عرفتها الساحة الإفريقية، والتي كان أخرها حدث قمة تيكاد7، وتسليم المخزن بأن هدف تحييد الجمهورية الصحراوية عن المشاركة في قمم الشراكة المتعدد الأطراف أو التأثير على عضويتها داخل المنظمة القارية بات ضربا من الخيال، فلقد أصبح من الضروري أن تغيير الحكومة الصحراوية من نظرتها للأمور داخل الإتحاد وجعل إنضمام المغرب عاملا إيجابيا لصالح أهدافها في إستكمال بسط السيادة وكذلك إحقاق الحق والتأسيس  من داخل هذا الصرح القاري لموقف دولي حازم يدفع بإنهاء النزاع في الصحراء الغربية وإسترجاع الأراضي المحتلة الخاضعة للإحتلال المغربي غير الشرعي، ولكن من الضروري قبل إتخاذ أية خطوة في هذا الإتجاه يجب تعزيز سفارات الدولة الصحراوية على مستوى إفريقيا وفي الإتحاد الإفريقي بدبلوماسيين، صحافيين وخبراء أكفاء في القانون والسياسة والعلاقات الدولية مشهود لهم بالأداء الدبلوماسي الجيد من أجل الوصول إلى النتائج المنتظرة في ظرف وجيز.