"الاقتحام" فى الثقافة الصحراوية و استعماله فى قصاصات وكالة الأنباء المغربية.


يظهر أن الديبلوماسيين  المغاربة لم يستطيعوا تجاوز الصدمة الكبرى التى المت بهم من جراء هزيمة يوكوهاما المدوية.

لقد إتضح ان الهستيريا قد غزتهم فى قصر المؤتمرات باسيفيكو (Pacifico) بمدينة يوكوهاما و ذالك ما عكسته وكالة الأنباء المغربية حيث نشرت قصاصة ضمنتها كل شيء ما عدا الحقيقة. 

الوكالة المغربية تحدثت فى قصاصة-تعليق أن البوليساريو قامت ب "اقتحام" قمة التيكاد باليابان. و ذكرت أن هذا "الاقتحام"  كان "عنوة".

و استنتجت الوكالة الرسمية المغربية أن اليابان لا تقبل بمشاركة البوليساريو التى ليست ضمن المدعويين و لأن اليابان لا تعترف بها و إنما أتت فى حقائب الإتحاد الأفريقى  وهو ما اعتبرته  عارا و مدعاة للسخرية.

قصاصة وكالة الأنباء المغربية تعمدت المغالطة و الخلط لأن معركة يوكوهاما لم تكن حول اعتراف اليابان بالدولة الصحراوية من عدمه و انما كانت تدور حول حضورها في قمة الشراكة الذى عمل المغرب بكل ما اوتي من قوة على منعه ليحصد الفشل فى نهاية المطاف.

 و بخصوص مسألة الدعوة فالمغالطة التى حاولت  الديبلوماسية المغربية ان تمررها تتمثل فى إيهام الرأى العام أن اليابان، البلد المضيف، هو من يوجه الدعوة للحضور فى حين ان الإتحاد الأفريقى هو الذى، قانونيا وحده، له الحق فى توجيه الدعوة لأعضائه كما حصل دائما  خلال جميع مؤتمرات الشراكة.

 و هو ما اتبع مع الإتحاد الأوروبي ( ابيدجان و بروكسيل و روما) و جامعة الدول العربية ( مالابو) و اليابان( مابوتو،  طوكيو و يوكوهاما ) بالإضافة إلى عديد المؤتمرات و المنتديات المتعددة الاطراف و المنظمين التي احتضنتها اديس أبابا. 

أن الدعوة التى توجهها الدولة المضيفة أو المنظمات الدولية او الإقليمية الشريكة ليست سوى مبادرة احادية الجانب، غير ملزمة، و الهدف من ورائها هو الحصول على اكبر مشاركة ممكنة من الدول لما لذالك من أهمية خاصة بالنسبة لسمعة و وزن الطرف المضيف سواء كان دولة أو منظمة.   

وبالفعل، فالجمهورية الصحراوية تشارك فى قمة الشراكة بين الإتحاد الأفريقى و اليابان بدعوة من الإتحاد الأفريقى مثلها فى هذا مثل جميع الدول الأعضاء بمن فيهم المملكة المغربية. 

و الغريب المضحك فى نفس الوقت هو أن القصاصة المذكورة تحاشت ذكر أن المنظمين للطبعة السابعة للشراكة بين الإتحاد الأفريقى و اليابان هم:  الامم المتحدة و البنك الدولى و برنامج الأمم المتحدة للتنمية بالإضافة الى الإتحاد الأفريقى و اليابان. 

عدم الإشارة إلي هذا العنصر يثبت عمق النازلة التى حصدتها ديبلوماسية الرباط بعد اشهر من المشاكسة و المواجهات و عمل اللوبيات و مساندة جهات معروفة بتأييدها  للاحتلال لعرقلة مشاركة الدولة الصحراوية في هذه القمة.

 و مع هذا كله لم يخجل محرر القصاصة من القول أن الجمهورية الصحراوية لا تساندها إلا أقلية من الدول الاعضاء و أن مشاركتها ترجع إلى تفعيل قرار قديم يزعم أنه بصدد تغييره.    

  حضور الجمهورية الصحراوية فى قمة يوكوهاما جاء كنتيجة حتمية و طبيعية لكفاح شعبها و ثمرة لتضحيات أبنائها البررة الذين بالآلاف سقوا ارضها بدمائهم الطاهرة.

لقد شاركت الدولة الصحراوية فى القمة  إلى جانب الدول الأفريقية و اليابان و عشرات الدول من آسيا و اوروبا و امريكا على نفس المستوى و تمتعت بنفس المعاملة و هي التى تستحق ذالك ربما اكثر  من بعض الدول التى حصلت على استقلال ممنوح و شكلى.

الوكالة المغربية التى تستعمل البوليساريو فى قصاصتها بدل الجمهورية الصحراوية لتخفى ابعاد الهزيمة المغربية و تعمل على المغالطة ذكرت من اجل التقليل من الملحمة السياسية  الصحراوية فى اليابان أن الصحراويين قاموا باقتام القمة و فعلوها عنوة. و هنا بالضبط يظهر أن الديبلوماسية المغربية و فريقها الجديد يجهلان معطيات اساسية فى ملف النزاع الصحراوى المغربى. 

و من هذه المعطيات بالضبط مفردة الاقتحام . فالاقتحام هو الاسلوب المفضل لأسود جيش التحرير الشعبي الصحراوى الذين مرغوا أنف القوات الغازية المغربية فى الرمال و حطموا تشكيلاتها الجرارة التى تفوقهم عدة و عتادا عشرات المرات. 

 و بالفعل فالاقتحام، ذالكم الاسلوب الصحراوى الخالص النابع من الثقافة الوطنية و الذى توارثته الأجيال استعمله الجيش الصحراوى لتدمير قوات "أحد" و " الزلاقة" و "لاراك" حتى لاذت قياداتها بالفرار فى واضحة النهار امام شجاعة المقاتل الصحراوى تاركة وراءها مئات الأسرى و الغنائم من مختلف الآليات و اصناف الأسلحة.

هذا عرفه الحسن الثاني و لمسه ادليمى و القجدامى و عبد السلام لعبيدى و اترية و بنانى و غيرهم من كبار الضباط الذين قادوا الحرب العدوانية الظالمة إلى ان فرض عليهم الجيش الشعبى الصحراوى عدم المجازفة بارواحهم مثل عبد السلام لعبيدى، ليسلموا أن الاقتحام الذى حطم قواتهم و أنهك معنوياتهم و داس على كبرياءهم و غطرستهم لا يمتلكه سوى إبن اللبوءة الصحراوية.

بقي علي الديبلوماسية المغربية و قصتها فى اليابان أن تعرف أن الاقتحام يكون بالالتحام.

  و الالتحام هو الطريقة التي تبطل فعالية الأسلحة و التفوق العددي و تجعل ارادة المتحاربين و استعدادهم للتضحية العظمى هي العامل الحاسم في المعركة. 

فالمقاتل الصحراوى يهدف من وراء الاقتحام، زيادة على عوامل السرعة و المباغتة، الوصول إلي الالتحام و هذا الأسلوب هو ما كرس هزيمة القوات المغربية إلتى لم ينفعها تقوقعها وراء الاحزمة الدفاعية.( ورطة الجيش المغربى)

 و تجدر الإشارة هنا إلى ان الحسن الثاني قبل بالإستفتاء  لتوصله الى القناعة بعد ازيد من 16 سنة من الحرب الشرسة أن قواته فشلت تماما امام الجيش الصحراوى و لم تعد قادرة على مواصلة الحرب و المواجهات القاتلة.

نعم وصلت الدولة الصحراوية إلى تبوء مكانتها من خلال انتصارات ديبلوماسية متتالية اقتحمت خلالها عنوة القلاع التى كان المغرب يظن انها محصنة على غرار احزمته العسكرية التى لم تشكل حواجز الا فى اذهان من خططوا لها و رسموها على الورق مثل قصاصة وكالة الأنباء المغربية من يوكوهاما التى أصيب الديبلوماسى الذى حررها او اشرف على صياغتها بالإحباط واليأس إلى درجة الانهيار و السقوط.