إلى متى ستظل إسبانيا ترفض تحمل مسؤولياتها القانونية والتاريخية في الصحراء الغربية المحتلة.


الصورة لشيخ صحراوي من الذين عاشوا فترات الحرب.

لازال الصحراوي يعيش معاناته التي إمتدت لأربعة عقود ونيف، نتيجة قرار خاطئ من الإستعمار الإسباني القوة المديرة للصحراء الغربية، الذي تم على إثره للأسف تسليم ما لا تملك لمن لا يستحق، أي تسليمها لإقليم الصحراء الغربية إلى المملكة المغربية والمجموعة الموريتانية في إتفاقية غير مشروعة، تعرف لدى الأوساط السياسية والإعلامية بإتفاقية مدريد الثلاثية يعود تاريخ توقيعها لـ14 نوفمبر 1975،  

هذه الخطوة تركت جرحا غائرا في قلوب الصحراويين، كيف لا وبسبب يعاني آلالاف المواطنين اللاجئين في الحمادة على أرض الجزائر المضيافة، قرب مدينة تيندوف أقصى الجنوب الغربي للبلاد، المنطقة المعروفة بظروفها القاسية ومناخها الصعب، هذا ينضاف له نقص في الحاجيات والوسائل الأساسية للعيش في مثل تلك الظروف ومواجهة طبيعة الصحراء القاحلة التي لا ترحم. بينما يعيش جزء أخر خلف جدار العار الذي يقسم الصحراء الغربية على طول 2720 كيلومتر مليء بالألغام المضادة للبشر والناقلات، وضع الشعب الصحراوي الذي بات أقلية في أرضه أشبه بالجحيم نتيجة التعذيب الممنهج، الإختطافات والإعتقالات التعسفية، المحاكمات الصورية والحرمان من أبسط الحقوق، بما في ذلك الإستفادة من موارده الطبيعية. 

واقع مأساوي يعيشه شعب الصحراء الغربية المسالم الذي وضع ثقته في هيئة الأمم المتحدة بأن تنهي النزاع وتمكنه من حقه في تقرير المصير كما تعهدت بذلك سنة 1991 عند تدخلها من أجل وقف المواجهة العسكرية التي كان يخوضها هذا الشعب بقيادة رائدة كفاحه وممثله الشرعي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء وواد الذهب، لكن وللأسف مرت 28 سنة على الوعد ولا شيء تحقق، ليظل شعب برمته يعيش التشرد في اللجوء، ومعاناة تحت وطئة إحتلال عسكري مدعوم من قبل القوى الإمبريالية لمواصلة إبادته للمدنيين العزل، ولعل حالة الشابة صباح أحميدة  ذات 24 ربيعا، التي إغتالتها قوات الأمن بطريقة وحشية دليل على سادية نظام الرباط، في حين يظل مدريد القوة المديرة للإقليم غير المبرر، تواطئا فاضحا ليست له قراءة أخرى سوى الحقد الدفين للإنسان الصحراوي سببه يعود لـ20 ماي 1973 ذكرى إمتشاقه البندقية في وجه إسبانيا الإستعمارية.


''التاريخ لا يسمح لإسبانيا أن تنأى بنفسها عن مسؤوليتها في الصحراء الغربية''

لا يمكن للدولة الإسبانية أن تنأى بنفسها عن مسؤوليتها التاريخية ولا يمكنها أن تتجاهل الصحراويين طالما لم يتم التشاور الذي يتوج بعملية إنهاء الاستعمار التام للصحراء الغربية، كيف لا وهي المسؤولة عن التواجد غير الشرعي للمملكة المغربية  (قوة إحتلال) في الصحراء الغربية، والإجتياح الذي أسفر عن إبادة  آلالاف الأشخاص المدنيين، وتصفية عائلات بأكملها، وأفعال أخرى إجرامية مثل تسمم مياه الآبار كجزء من حملة تهدف إلى إبادة البدو الصحراويين.

هكذا غادرت إسبانيا الصحراء الغربية، تاركة الأرض بين أيدي الجيش المغربي، في أسوء عملية إنهاء الاستعمار سجلها التاريخ، مخلفة بذلك معاناة عاشتها أجيال من الشعب الصحراوي، ولا تزال فصولها متواصلة إلى اليوم وقد تلاحق الأجيال القادمة، ما دام المنتظم الدولي عاجز عن إيجاد حل للنزاع،  والحكومة الإسبانية ترفض تحمل مسؤولياتها التاريخية والأخلاقية في هذه القضية المنسية.

يعود نزاع الصحراء الغربية لعام 1975، عندما إنسحبت إسبانيا من 'مستعمرتها حتى الآن'' إثر المقاومة المسلحة لجبهة البوليساريو للحصول على الاستقلال، التي تواصلت فيما بعد ضد الاحتلال الموريتاني والمغربي إلى حدود عام 1991، عقب توقيع هذه إتفاقية وقف إطلاق النار بين طرفي النزاع (البوليساريو والمغرب)، على أساس أن تجري الأمم المتحدة إستفتاء حول تقرير لإنهاء النزاع.