'خطاب الإستغباء' هكذا خاطب العاهل المغربي رعاياه في ذكرى ثورة الملك والشعب.

العاهل المغربي خلال إستقباله للبابا فرنسيس 



عاد ملك المغرب مجددا في خطابه في ما يسمى ذكرى ثورة الملك والشعب الذي بثه التلفزيون الرسمي، للحديث بنفس الطريقة التي أعتادها المغاربة في السنوات الأخيرة، ليدعو إلى ضرورة التعبئة في الإستثمارات في قطاع الزارعة للتقليل من الفوارق الإجتماعية في القرى حسب قوله وخلق مشاريع مدرة للدخل، ورفع مستوى الخدمات الإجتماعية الأساسية في المناطق الريفية، وكأن تلك الخدمات التي تحدث عنها في المدن الكبيرة متاحة للجميع أو كذلك تلك التجارب السابقة التي شملت المجال الحضري كانت ناجحة. 

الخطاب أظهر إصرار حاكم المغرب على الإستمرار في النموذج التنموي بالرغم من آلالاف التقارير الدولية والوطنية أثبت فشله الذريع في تلبية الحاجيات المتزايدة للمواطنين في هذا البلد الذي بات في أعين سكانه جحيم الحياة، كيف لا وقرابة 60% من المغاربة يعيشون الفقر والتهميش في أتعس حالاته، هذه الفئة مقسمة إلى جزأين الأول تحت خط الفقر، والثاني في فقر متوسط أي في غياب أبسط الحقوق الإيواء، التعليم والصحة بمعدل دخل يعادل 1 دولار في اليوم، إلا أن أن الفئتين قاسمها المشترك هو الهشاشة الشديدة التي أدت إلى تدحرج المغرب بشكل رهيب نحو ذيل التصنيف العالمي لمؤشر التنمية البشرية العالمي في المرتبة 126، كأفقر البلدان إلى جانب الصومال والغابو  بعدما كان مصنفا سنة 1995 في المرتبة 117

وأجمعت كل التقارير الدولية، أن فترة حكم الملك الحالي للمغرب إتسمت بالفشل الذريع في مختلف المجالات خاصة تلك التي تشكل العمودي الفقري في بلد، وعلى سبيل المثال بلغت نسبة النساء الأميات 83%، و 2،5 مليون طفل،  فيما بلغت جودة التعليم 34% فقط، أما في مؤشر الصحة بلغت نسبة الرضى فقط 27%، مصنفة خلف ليبيا التي تعيش صراع ووضع غير مستقر داخليا.

هذا وإعترفت في وقت سابق الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، أن الأوضاع الداخلية للمغرب مخيفة جدا في ظل إرتفاع نسبة الفقر والبطالة وحرمان نسب كبيرة من المواطنين من الحقوق الإساسية الشيء الذي أدى إلى حدوث فوارق إجتماعية باتت ظاهرة في البلد بشكل واسع وكبير من شأنها أن تأثر على ترابط المجتمع وأمن إستقرار البلد في حال لم تتحمل المؤسسة الملكية مسؤولية في هذا الواقع المرير، لأن الحكومات المتعاقبة في المغرب أثبتت فشلها هي التغلب على الظواهر التي حلت بالبلد خلال العقدين الأخيرين. 

وفي مقابل كل هذا لايزال النظام الحاكم بعيدا عن معاجلة الوضع الداخلي للمغرب،  في ظل عدم ربط الشعار بالممارسة، فكيف أن يكرر الحاكم وصاحب السلطة المطلقة في كل مناسبة إطلاقه لمشاريع كبرى بميزانيات ضخمة دون أن تصل إلى المواطنين أو تلبي حاجياتهم، ويتسائل عن الثروة وتارة أخرى يقر بفشل كل تلك المشاريع دون أن تتم محاسبة المتسببين في ذلك أو ذكر الجهات أو الأفرد المسؤولين عن الفشل وفاسد المال العام وموارد الشعب المغربي ومستقبله. 



''المغرب هو واحد من أكثر البلدان غير المتكافئة في العالم''

إعترف ملك المغرب في خطابه السابق 31 يوليو، أقر ملك المغرب، في إشارة إلى تقييم عشرين عاماً من حكمه، بغياب المساواة ووجود فوارق إجتماعية والفقر، على الرغم من المشاريع التي يتحدث عنها في كل خطاباته السابقة، وكأنه يزكي 
ما جاء في تقرير سباق لمنظمة أوكسفام أنترمون حول يوضح أن الانتعاش الاقتصادي في المغرب قد فضل الأثرياء أربع مرات أكثر من الفقراء، حيث أن عدم المساواة في المملكة وصل مستويات عالية، وخرج عن نطاق السيطرة" ، وذلك نتيجة لنموذج اقتصادي يشجع وضع الثروة بين أيدي القصر الملكي (المخزن) دون غيره فئات المجتمع المغربي.

كما أشارت الوثيقة إلى أنه خلال العشرين سنة الماضية ، كان النمو في المغرب ديناميكيًا (4.4٪ سنويًا في المتوسط ​​بين عامي 2000 و 2017) حسب إحصائيات الدولة، التي تستبعد مجالات أخرى مثل خدمات الصحة والتعليم، كما يتجاهل هذا المعدل العائلات التي تقع فوق خط الفقر والتي من المحتمل أن تسقط بأدنى ضربة وهو ما تسميه المنظمة غير الحكومية "معدل الضعف'' موضحة أن إستمرار هذا الوضع من شأنه أن يؤثر فرد من كل ثمانية مغاربة في جميع أنحاء البلاد، وحوالي فرد من كل خمسة في المناطق الريفية.

وظلت أوجه عدم المساواة في المغرب تقريبا على حالها، حيث توقف معامل جيني ، وهو مقياس دولي لقياس للعدالة وتوزيع الدخل القومي، -توقف- عند نسبة 39.9 في عام 1985 و 39.5 في عام 2014،  الشيء الذي دفع منظمة أوكسفام إلى دق النقوس الخطر والتحذير من ثبات هذا المعدل، الذي يجب أن يوضع في الاعتبار مرة أخرى، بسبب العديد من القيود الممنهجة دون إحتساب الإنفاق الخارجي ولا المدخرات. بالإضافة إلى ذلك فإن عدم المساواة النقدية لا تأخذ في الاعتبار عدم المساواة في الثروة، وبالتالي فإن كل هذه الملاحظات تشير إلى أن الاختلافات أكبر من الإحصاءات الرسمية.


''الحاكم الحصري للمغرب يتألم لمعاناة 1٪ من رعاياه نتيجة عدم الاستقرار''

عكس ملك المغرب في حديثه عن وضع بلاده ورعاياه وكأنه غير مستعد للتنازل عن ثروة موارد البلد للشعب الذي يعاني في صمت رهيب من شدة الفقر في بلد له ما يكفي من الموارد لسد حاجيات مواطنيه دون حاجة إلى التودد وإثقال كاهل الحكومة بالديون المتزايدة التي دفعت بالمغرب إلى أن يصبح رهينة بين أيدي البنك وصندوق النقد الدوليين الذين جعلا من منه في السنوات الأخيرة مجرد مختبر خاص و30 مليون نسمة من السكان مجرد فئران تجارب، لما مدى نجاح أو فشل برامجه وسياساته المالية قبل تعميمها على الدول الواعدة التي ترفض المغامرة بمستقبل شعوبها. 

إن خطاب الحسرة والبكاء على الأطلال بدموع أشبه بالتماسيح، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ينقذ مستقبل الشعب المغربي من الإنهيار الكلي وضياع البلد، على هذه العبارة  تفاعل الأغلبية الساحقة من المغاربة رواد مواقع التواصل الإجتماعي وهم الفئة الأكثر تضررا من سياسات الملك وولعه بالمال لوحده، في حين أيقن البعض أن خطابات الملك لم تعدي سوى وسيلة وحيلة للتقديم نفسه في ثوب البريء من الذنب المرتكب في حق البلاد والعباد، وكذلك لإضفاء الشرعية على مشاريعه التي لم يجني منها المواطن المغربي البسيط سوى الغرق أكثر في وحل الفقر والحرمان، في حين يعتلي معاليه في كل سنة سلم أغنى الحكام والملوك، دون أن تتجرأ ولو مؤسسة واحدة في المملكة على مساءلته عن الثروة الضخمة التي راكمها إلى أن وصل به الأمر منافسة أثرياء الدول النفطية على قائمة ال10 أغنياء في العالم، وبلده في ذيل تصنيف مؤشر الفقر، الصحة التعليم والتنمية.

فهل فعلا أسقط العاهل المغربي عن وجهه قناع ملك الفقراء والساهر على شؤون شعبه، بتكراره لنفس الخطاب والمشاريع الوهمية، دون أن يتقدم قيد أنملة في إتجاه حل مشاكل المغاربة، أو إعطاء بصيص أمل لمستقبل ثلاثين مليون نسمة من رعاياه الأوفياء.