تواجد الجمهورية الصحراوية بات شرطا إلزاميا في قمم الشراكة الدولية للإتحاد الإفريقي.



أصبح إنعقاد مؤتمرات الشراكة و قممها بين الإتحاد الأفريقي و كل الشركاء سواء على مستوى المنظمات الاقليمية والدولية أو على مستوى الدول فرادى مرتبطا بل أضحى مرهونا بحضور الجمهورية الصحراوية لا لشيء إلا لكون المغرب يرفض مشاركتها و يعمل بكل قواه على منعها من الحضور.

و هكذا فأنه لا يختلف اثنان اليوم على أن المملكة المغربية تسبح عكس التيار و تتحرك ضد المنطق السليم فى ما تصبو إليه فى الصحراء الغربية بالإضافة إلى تعارض ذالك مع أحكام الشرعية الدولية. فلا المجتمع الدولي يعترف لها بالسيادة على البلد و لا الشعب الصحراوي مستعد للتنازل عن حقه في تقرير المصير و الاستقلال. كما أن الجمهورية الصحراوية اليوم تحظى بتأييد قاري و دولي لا يمكن تجاهله و كونها اصبحت عضوا من الأسرة الدولية كباقى الدول لا يمكن نكرانه او تجاهله. 

إن الأحداث القريبة التى عرفتها عدة عواصم عالمية تؤكد ما ذكر سابقا، فمثلا عندما حاول المغرب إلغاء مقعد الجمهورية الصحراوية من قاعة المؤتمرات التى احتضنت قمة الشراكة بين الإتحاد الأفريقي و جامعة الدول العربية سنة 2016 بمدينة مالابو بجمهورية غينيا الاستوائية فشل بالرغم من أن الدولة الصحراوية لم تبعث بأي وفد عنها إلى القمة. ولم يجد المغرب من سبيل إلا الإنسحاب وطلب من الكثير من الدول الافريقية التضامن معه إلا أن طلبه قوبل بالرفض التام، ثم حاول أن يحصل على موقف موحد من أعضاء الجامعة العربية و لم تكلل مجهوداته بالنجاح و فى النهاية قرر الإنسحاب و لم ترافقه وقتها سوى وفود 5 دول فقط بعد ما تدخل الملك محمد السادس عبر الهاتف طالبا النجدة. وكانت رئاسة الجامعة آنذاك فى ذمة دولة الكويت التى ترأست قمة الشراكة إلى جانب جمهورية تشاد عن الطرف الأفريقي حيث لاحظت غالبية الزعماء الأفارقة الذين حضروا الحدث الحكمة التي تصرفت بها دولة الكويت بالإمتناع مثل غالبية أعضاء الجامعة العربية أن ترهن الشراكة بين المنظمتين و المجموعتين الاقليميتين اللتين تربطهما مصالح مشتركة و لهما مواقف موحدة حول جملة من القضايا الإقليمية و الدولية، أن ترهنها بالسياسة العدوانية و التوسعية المغربية ضد بلد عضو في الإتحاد الأفريقى. ولا شك أن القيادة الكويتة عندما تصرفت بهذه الطريقة كانت تتذكر الاجتياح العسكري العراقي لاراضيها على غرار ما يقوم به المغرب منذ 44 سنة ضد الشعب الصحراوي.

ووجدت الرباط ضالتها فى اليابان عندما حاول المغرب منع الدولة الصحراوية من الحضور في الإجتماع الوزاري للشراكة مع اليابان و المعروف بالتيكاد إلا أن الهزيمة المغربية في مابوتو عاصمة جمهورية الموزمبيق سنة 2017 أظهرت الديبلوماسية فى حلة يجهلها كثيرون كونها لا تلجأ فقط إلى شراء الذمم و إلى أمور أخرى رذيلة و لكنها تتحول إلى بلطجية ضاربة عرض الحائط الأعراف الديبلوماسية و كل التقاليد و المعاملات الكلاسيكية المتعارف عليها. 

إلا أن درس ابيدجان (2017) العاصمة الايفوارية له أكثر من دلالة حيث نظمت قمة الشراكة بين الإتحاد الأفريقي و الإتحاد الأوروبي لتشكل قمة القطيعة مع النظرة الدونية التى كانت بعض دول الإتحاد الأوروبي تنظر بها إلى دول القارة السمراء و كانت هذه النظرة تنعكس على صيغة الشراكة التى فرضت بالتالي أن تكون شراكة بين الإتحاد الأوروبي وأفريقيا و ليست مع الإتحاد الأفريقي، هذا الموقف الذي صمم فى باريس لحماية المملكة المغربية التى لم تكن عضوا فى الإتحاد الأفريقي تمت المحافظة عليه فى ظروف تقتضيها مصلحة فرنسية ظرفية وتم التخلى عنها فيما بعد بكل بساطة عندما تغيرت حسابات قصر الايليزي.

لقد أثبت قمم ساحل العاج، الموزمبيق واليابان دروسا عديدة يظهر أن الديبلوماسية المغربية لم تستوعبها إلى حد الساعة، على الأقل، و منها على الخصوص:

1- ان الدولة الصحراوية لا رجعة فيها. فلا يمكن لا القفز عليها و لا اختزالها أو نكرانها مهما شكل المغرب من تحالفات و ما صنع من لوبيات.

2-أن فرنسا عندما سلمت بحضور الجمهورية الصحراوية لقمة الشراكة بابيدجان فلأن ذالك هو ما يتماشى مع مصالحها بدءا بتنظيم الحدث الهام فى بلد صديق يحتاج هو الآخر داخليا إلى تظاهرة عالمية من هذا الحجم. 

3-الرئيس الايفواري من جهته غلب مصلحته الشخصية وسمعة بلاده على الصداقة العائلية  الخاصة التى تربطه بالبلاط المغربي.

4-أما اليابان التى تعمل منذ مدة على تواجد وازن على الساحة الافريقية فى إطار استراتجيتها كقوة إقتصادية ترغب في الحصول على مكان ملائم تحت الشمس الافريقية و من اجل تجنيد اكبر عدد من دول القارة للحصول على العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي أثناء الشروع في تجسيد الإصلاحات المرتقبة فإنها، مهما كانت الظروف، ستصطف وراء ما تمليه مصلحتها الاستراتيجية في تغليب علاقاتها  مع الإتحاد الأفريقي عكس الانصياع وراء العدوان المغربي. ولعل مؤتمرات وزراء خارجية الإتحاد الأفريقي و اليابان فى مابوتو و طوكيو و قمة يوكوهاما الحالية تعتبر أمثلة حية على ذالك. مهما أظهرت فرنسا و اليابان و كوت ديفوار و غيرهم من صداقة استراتجية أو شراكة و تعاون أو علاقات شخصية لحكامها مع ملك و حكومة دولة الإحتلال فإن ذلك كله لن يجعل المغرب يخرج من عنق الزجاجة إلا بتخليه النهائي عن الإحتلال وتسليمه المطلق بحتمية التعايش مع الجمهورية الصحراوية جارته من الجهة الجنوبية إن لم ينجح في طي صفحة التعنت و الهروب إلى الأمام الذى ليس بعده إلا الهاوية.