هل بدأ نظام الإحتلال المغربي تنفيذ خطته الجديدة تجاه قضية الصحراء الغربية وأزمته الداخلية


 وكالات


حاول النظام المغربي ومن خلفه فرنسا وضع مختلف العراقيل أمام هيئة الأمم المتحدة والمسار الأممي-الإفريقي المتفق عليه عام 1991، بشأن تصفية الإستعمار في الصحراء الغربية، عبر تنظيم إستفتاء للشعب الصحراوي يمكنه من إختيار وتحديد  مستقبله بشكل ديمقراطي يتماشى والمواثيق الدولية ذات الصلة مثل هكذا قضايا، كل تلك الخطط التي رسم تفاصليها ساسة فرنسا بهدف لا زال هو الأساسي بالنسبة لهم، أي الضغط على المنظمة الأممية للتنازل عن مسؤوليتها في إيجاد حل عادل وفق ما نصت عليه في مختلف قراراتها، نفس النهج تم إتخاذه ضد المبعوثين الأممين الخواص، كان آخرهم الرئيس الألماني الأسبق هورست كولر، الذي شكلت إستقالته فضيحة من العيار الثقيل أسقطت أخر أوراق التوت عن الأطراف المتحكمة في الهيئة الأممية ومجلس الأمن الرافضة بشكل قاطع لأي تقدم في الملف، كما  حدث عقب عودة طرفي النزاع إلى طاولة المفاوضات مجددا بعد ستة سنوات من الجمود السلبي.

تلك المخططات (الفرنسية-المغربية) إصطدمت بإجماع قوي من قبل جميع الأطراف الدولية على أهمية مواصلة العملية السياسية على أساس مفاوضات جادة بين جبهة البوليساريو والمغرب برعاية الأمين العام للأمم للمتحدة تفضي إلى حل سياسي ونهائي لهذا النزاع، إضافة إلى وإلتزام تأكيد جبهة البوليساريو في أكثر من مناسبة إستعدادها للدخول في مفاوضات مباشرة وبديناميكية جديدة، بهدف دعم جهود الأمم المتحدة في التوصل إلى حل نهائي للقضية الصحراوية، وتجاوز حالة الجمود التي تسببت فيها باريس والرباط غايتهم في ذلك خلق حالة من الفشل واليأس لدى المنتظم الدولي بإستحالة حل النزاع. هذا الإجماع المعبر منه من قبل مجلس الأمن والأمم المتحدة ومن مختلف الهيئات الإقليمية والذي يعد سابقة في تاريخ القضية، قاد وبشكل أتوماتيكي إلى فشل المخطط المشترك للتأثير على الهيئة الأممية دون تكلفة، دفع المغرب إلى تنفيذ الإستراتجية التي تستهدف الميدان، بإصدار قرارات تخص الجيش والمؤسسات التابعة له بتكثيف تواجد وتحرك القوات المسلحة على طول جدار العار في الصحراء الغربية مع زيادة عدد العناصر من مختلف الرتبة بما فيها القيادات العليا، إضافة إلى إلغاء العطلة عن مجموعة من الجنود وإستدعاء أخرين ممن تمت إحالتهم على التقاعد أو العمل الإداري داخل المؤسسة العسكرية.
                      شاحنات الجيش المغربي على متنها دبابات ومعدات ثقيلة في إتجاه جدار العار في الصحراء الغربية

هذه الخطوة كانت مصحوبة حسب ما أكده شهود عيان في مدن العيون، بوجدور والداخلة، بنقل معدات عسكرية ثقيلة، دبابات حربية وراجمات الصواريخ، على شكل دفعات قادمة من داخل المغرب إلى أقصى جنوب الصحراء الغربية المحتلة في إتجاه معبر الكركرات والنقاط تمركز الجيش المغربي على جدار العار، في الخطوة غير محسوبة العواقب، تعكس نية المغرب إعادة قضية الصحراء الغربية إلى مربع الصفر، وتكرار لسيناريو حرب 1975، بعدما فشل ومن خلفه الإدارة الفرنسية جعل مسألة تصفية الإستعمار في الصحراء الغربية قضية ثانوية لدى مجلس الامن وهيئة الأمم المتحدة. كما يرى مراقبون أن السبب الذي دفع النظام المغربي إلى إتخاذها، راجع للوضع الداخلي في ظل الأزمة الخانقة، الناتجة عن الفساد المستشري في مختلف المجالات، وكذا فشل كل المشاريع والبرنامج التي أطلقتها السلطة القائمة في هذا البلد خلال العقدين الأخيرين لتلبية المطالب المتزايدة للشعب المغربي، الذي بات حسب تقارير دولية يعيش واقعا مريرا يبشر بحدوث إنفجار إجتماعي داخلي قد يعصف بالملكية وهيمنتها على مفاصل الدولة المغربية بعد سنوات من الحكم الفردي الإستبدادي المطلق. 
الأجهزة الأمنية تتحاصر مظاهرة نظمتها مواطنين مغاربة في الرباط للمطالبة بالعدالة الإجتماعية والتقسيم العادل لموارد البلد. 

وغير بعيد عن تقارير الهيئات الدولية، فقد أكد كل من ملك المغرب في خطابه الأخير، وكذلك مستشاريه في مقابلة صحفية مع وكالة "فرانس بريس"، على فشل جميع المشاريع وبرامج التنمية في تلبية حاجيات المواطنين،  والإستفادة من موارد البلد، ما أحدث فوارق إجتماعية رهيبة تعكس نظام العيش في المغرب الشبيه إلى أبعد الحدود بقانون الغاب، نتيجة سطو النظام والطبقة المقربة منه على حقوق الشعب المغربي، والإعتماد على المقاربة الأمنية لضمان الإستقرار وإسكات كل الأصوات المعارضة لسياسة القصر تجاه البلد والمواطن.

إلا أنه وبالرغم من الوضع الداخلي الكارثي والفقر وحجم التخلف التي تعرفه المؤسسات المغربية وإنعكاسات ذلك على الوضع الإجتماعي، لا زال يصر النظام القائم في المغرب على الدخول في سابق التسلح ودفع أموال الشعب المغربي في شراء المعدات العسكرية بهدف إحكام أكثر للقبضة الأمنية على البلد وضد الأصوات المعارضة، والإستمرار من جهة أخرى في في تنفيذ مشروعه التوسعي على حساب الجمهورية والصحراوية وحق شعبها في تقرير المصير، هذا التوجه المدعوم من قبل فرنسا وإسبانيا، كلف المخزن ملايير الدولارات وفق ما تناقلته بعض الصحف المغربية المقربة من دوائر الحكم، بتوقيعه لصفقة جديدة تعد الأضخم في تاريخ الجيش المغربي، لإقتناء 24 طائرة هليكوبتر أمريكية الصنع من نوع (EH 64 Apache Guardian)، وأنظمة الدفاع الجوي (Patriot) وراجمات الصواريخ (H1 Mars) ودبابات، إضافة إلى طائرات من نوع (Gulfstream) المخصصة للحرب الإلكترونية والاستطلاع الجوي.  

هيليكوبتير (EH 64 Apache Guardian) وطائرة (Gulfstream)


وأمام هذه التطورات المتسارعة على الأرض، وفي حال تزايد الأزمة الداخلية في المغرب وفشل المخزن في تجاوزها، ستظل فرضية عودة الحرب والمواجهة العسكرية إلى المنطقة قائمة بإعتبارها تدخل ضمن إستراتجيته للعشر سنوات القادمة، والورقة الوحيدة مما تبقى من الأوراق بحوزة النظام المغربي المهتز لتحقيق هدفين أساسيين :
أولاً :  تجاوز فشله على مستوى الداخل، بتصريف أنظار الشعب المغربي عن مطالبه الاجتماعية، وإستغلال وضع اللإستقرار لإعلان حالة تآهب من قبل الجيش، والإنتقام بذلك من كل المعارضين وقيادات الغضب الشعبي.
ثانياً : التقدم في إتجاه الأراضي المحررة للجمهورية الصحراوية بهدف السيطرة عليها بشكل كامل وضمان إستمرار معبر الگرگرات، ثم التأثير على عضوية الدولة الصحراوية داخل الاتحاد الإفريقي إضافة إلى نسف مسار التسوية الأممي ومعه كل النتائج المتحصل عليها في منذ البداية.