المغرب التوسعي والهروب من مواجهة الواقع


نيامي، 2019/07/07، كلما كانت مكاسبنا قوية وكبيرة وضاربة في عمق العدو، كلما عمد وبقوة الى جرنا لمعارك هامشية بدون قيمة للتغطية على هزائمه الحقيقية من جهة، وشد انتباه رايه الداخلي عن الواقع الحقيقي والهزائم الحقيقة ومحاولة التاثير على معنوياتنا العامة او على الاقل على ضعاف الوعي والتحليل
1-    على مستوى الاتحاد الافريقي
عشنا ومنذ مطلع سنة 2016 هالة كبيرة من الدعاية حول الاعداد لانضمام المغرب للاتحاد الافريقي وان الامر يهدد وجود الكيان الصحراوي وان الاعصار الذي سيمحو القضية الصحراوية او الاتحاد الافريقي قادم وفي الاخير، صادق المغرب على القانون التاسيسي للاتحاد الافريقي، ودخل المغرب وجلس في صمت وهدوء واستكانة الى جانب الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.
كما دخلنا مند انضمام المغرب الى الاتحاد الافريقي يناير 2017 مرحلة تهديدات من نوع جديد تقودها كما اختارت الدبلوماسية المغربية ان تسميتها "دبلوماسية صاحب الجلالة " فاصبحنا تحت شعار العمل من الداخل، وتم الرهان على مجلس الامن والسلم الافريقي وقمم الشراكة بين الاتحاد الافريقي ومنظمات اوهيئات او دول اخرى، فتقوت قرارات قمم الاتحاد الافريقي وقرارات مجلس السلم والامن بالذات مع انضمام المغرب واصبحت اكثر تشددا في التاكيد على مسؤوليات الامم المتحدة والاتحاد الافريقي في لاتصفية الاستعمار من اخر مستعمرة افريقية، وفشل المغرب في الموزنبيق وانهار في ابدجان فشاركت الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في قمة الشراكة بين الاتحاد الاوروبي والاتحاد الافريقي، وتوالت الضربات لتشارك الدولة الصحراوي في طوكيو باليابان رغم كافة رهانات المغرب بقمة الشراكة بين الاتحاد الاوروبي واليابان وينسحب المغرب، وتقوى الامر لدرجة مشاركة وفد الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في العاصمة البلجيكية بروكسيل في اطار تحضيرات وتفعيل قرارات قمم شراكة بين الاتحادين.
كما كانت القمتين الثلاثون ب(نواقشوط) والواحدة والثلاثون (باديس) قمتين قويتين، حاسمتين وصارمتين فيما يتعلق بتصفية الاستعمار من اخر مستعمرة افريقيا سواء من خلال الضغط على الامم المتحدة للتعجيل بتطبيق مخطط التسوية الاممي والتهديد بالرجوع الى الجمعية العامة للامم المتحدة او من خلال اقرار هيئة من الرئيس السابق والحالي والمقبل للاتحاد الافريقي الى جانب رئيس المفوضية فيما يعرف باترويكا الافريقية لمتابعة مسار تصفية الاتعمار باخر مستعمرة افريقية وتفيعل دور المبعوث السامي للاتحاد الافريقي الى الصحراء الغربية علاوة على مجموعة قرارات اخرى متعلقة بمطالبة المغرب التوقيع على الاميثاق الافريقي لحقوق الانسان والشعوب او مطالبته بتمكين مفوضية حقوق الانسان بممارسة مهامها بالمناطق المحتلة من الصحراء الغربية.
2-     على مستوى الاتحاد الاوروبي
حاول الاتحاد الاوروبي سواء من خلال اللجنة او المجلس وعلى مستوى البرلمان القفز بشتى الطرق على قرار محكمة العدل الاوروبية الصادر في 21 ديسمبر 2016 والمؤكد في 27 فبراير 2018 و19 يوليوز 2018، واقترحت اللجنة ما اقترحت وضغطت فرنسا واتباعها بشتى الوسائل، الا ان القانون الدولي وحكم المحكة كان اقوى من ان يتم القفز عليه بهذه السهولة وكانت النتيجة القوية الصلبة اعتراف المغرب الرسمي في اجتماع لمجلس وزرائه وبراسة الملك، ليس فقط بان لاسيادة له على الصحراء الغربية بل ايضا انه ليس قوة مديرة للاقليم بفعل الامر الواقع كما كان يحلو له ان يقنع العالم، واعترف ان الصحراء الغربية مضمومة ومياهها الى المغرب ومياهه في اتفاقية الصيد البحري بينه والاتحاد الاوروبي، وهنا الهزيمة الفعلية، هنا التراجع والاعتراف وبداية الانحدار.
الاتفاقية الان في انتظار مصادقة البرلمان والذي سيصادق بكل تاكيد وهو ما سيجعل من اتفاقية الصيد بين الاتحاد الاوروبي والمغرب اتفاقية دولية لها مجراها الذي لن تتركه جبهة البوليساريو دون استغاله بافضل السبل من اجل المزيد من الضغط على المغرب وفرنسا والاتحاد الاوروبي.
وتزامنا مع ذلك، هناك الطعن الذي تقدمت به الجبهة ضد الاتفاقيتين الجديدتين، التجارة والصيد البحري، وهنا يعرف المغرب جبدا ان الامر مختلف عن سنة 2016، لان محكمة العدل الاوروبية اذا كانت في حكمها ليوم 21 ديسمبر 2016 حكمت بان لاحق للجبهة بالطعن لان الاتفاق لايشمل بصريح العبارة الصحراء الغربية ولانه لايسطيع ان يشملها بما ان الصحراء الغربية والمغرب ارضان منفصلتان ومتمايزتان ولايمكن تمديد اي اتفاق بين الاتحاد الاوروبي والمغرب الى الصحراء الغربية لانها طرفا ثالثا، فان الوضع الان اختلف كثيرا، فالصحراء الغربية مذكورة بشكل صريح في الاتفاق، مجلس اوروبا صادق على ذلك والبرلمان الاوروبي صادق على ذلك ومجلس وزراء المغرب برئاسة الملك ايضا صادق على ذلك، يعني ان المحكمة الان امام اتفاق واضح ويصريح يقر بضم الصحراء الغربية ومايهها الاقليمية الى المغرب ومياهه الاقليمية، وهو ما ينتهك نصا وروحا حكم المحكمة ذاتها.
3-    على مستوى الامم المتحدة
كان قرار مجلس الامن الدولي 2414 ابريل 2018 نقطة بارزة في تاريخ مسار القضية على مستوى الامم المتحدة وبين ايدي الدول العظمى، ليس لانه قلص عهدة البعثة الاممية للاستفتاء بالصحراء الغربية الى ستة اشهر بدل سنة مما يعطي حيوية اكثر وحضورا كبيرا للقضية على كافة الاصعدة فقط، بل لانه اظهر تورط الدول العظمى والمؤثرة داخل مجلس الامن الدولي واساسا الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا، خصوصا من خلال التمعن بشكل دقيق في امتناع روسيا عن التصويت خلال المصادقة على كافة القرارات التي تلت ذلك حتى اخرها في ابريل 2019، واثيوبيا مرتين وامتناع الصين مرة وبوليفيا مرة وجنوب فريقيا وهو ما تم توضيحه بشكل واضح ودقيق خلال جلسات التعقيب على التصويتات، والتي شملت التركيز على: عدم وضوح حق تقرير المصير، عدم اتزان القرار، محاولات استهداف تقويض حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، محاولات القفز على مبدا حق تقرير المصير في الصحراء الغربية، من خلال الترويج لمصطلحات مثل الواقعية. وهو ما يعني ان الاعداء توقفوا نهائيا عاجزين عن تمرير او فرض اي من خياراتهم اللاشرعية، فشلت رهاناتهم على عامل الوقت وعلى تفكيك الجبهة الداخلية وعلى الرهان على الحلفاء والاصدقاء وعلى مقاومة الشعب الصحراوي.
فالطاولة المستديرة الاولى وجلسة الاستماع التي خصصها مجلس الامن للمبعوث الشخصي نهاية يناير 2019 اكدت على مايلي:
• ان الحل ممكن، كما قال المبعوث الشخصي، لكن، وما لم ينشر للعامة مع اضافة "الحل ملزم بالمرور عبر تمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير والاستقلال الذي هو اكثر الخيارات تفضيلا وترجيحا
• ان طاولة النقاش الاولى اوضحت ان المقبلة ستكون محاصرة للمغرب ودفعا لارغامه على التسليم بمبدا تقرير المصير والاستفتاء بعد ذلك
• ان المبعوث الشخصي جدي ويريد تطبيق النصوص كما هي، وتطبيقها يسير في اتجاه استقلال الصحراء الغربية، لكن اتضضح مجددا ان فرنسا والولايات المتحدة الامريكية لاتريدان ذلك، كما عرقلتا تطبيق مخطط التسوية الاممي سابقا وخطة بيكر بعد ذلك وحاولتا فرض الحكم الذاتي كحل، تعملان الان على منع التقدم نحو الحل وهو ما اظهر للملاحظين نوعا من التصادم بين المبعوث الشخصي وهذين الطرفين بالاساس، وبرر سبب نقله لمكتبه الى المانيا بدل نيويورك كما كان.
• الحل يتطلب قوى اخرى اضافية تجعل موازين القوى بالقد الذي تعاكس الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا.
وهي عناصر افضت في الاخير الى صدور تقرير الامين العام بالشكل الذي جاء عليه، متميزا لكنه فقط تقرير لارضاء المبعوث الشخصي وبعض الاطراف داخل مجلس الامن لكنه لم يصل مستوى قرار داعم مما افضى الى استقالة السيد كوهلر وتوقف المسار مجددا، تماما كما حدث مع السيد بيكر عندما وصل الامر حد الشروع في تنفيذ مشروع سيعيد المسار الى مخطط التسوية الاممي الاصلي، او ما حدث مع فان والسون عندما قال صراحة ان الاستفتاء مرفوض لان المفاوضات توقفت عندما وصلت ان لامفر من الاستفتاء والحل ياتي حسب اوامر الولايات المتحدة وفرنسا، او كما حدث مع كريستوفر روس عندما اوصل الجولات التمهيدية الى التاسعة وانسحب المغرب لانها ايضا وقفت عند الاستفتاء كممر اجباري وتابعنا كيف واجه ضغوطا قوية وعراقل افضت ايضا الى استقالته.
والخلاصة هنا، ان الشعب الصحراوي قوي وصامد ولارهان على تفكيكه او اضعافه، وان القانون الدولي الى جانبه وبقوة لايمكن القفز عليها، وان لاحل غير الحل الذي يرضي الشعب الصحراوي، وهو مايفرض المزيد من الصمود والمقاومة والتصعيد لارضاخ المحتل الحقيقي الذي هو فرنسا وامريكا واسبانيا وليس البيدق المغرب الذي لاحول ولاقوة له، والحل السلمي والقانوني والشرعي والذي على الامم المتحدة تبنيه هو الاستفتاء ولاشي غير الاستفتاء.
فعلى هذه المحاور الثلاثة، الاتحاد الافريقي، الاتحاد الاوربي والامم المتحدة التوجه ثابت والقضية تبقى قضية وقت وتغيرات في موازين القوى وتطورات الاحداث سواء الميدانية في المنطقة او الدولية بما له علاقة بالقضية، والى جانب ذلك علينا الوقوف عند مواقف دول وازنة ومؤثرة مثل جنوب وافريقيا ونيجيريا التي طبل المغرب لها كثيرا واوهم شعبه بانه اصطادها وثمن الاصطياد انبوب غاز خيالي يمر عبر 13 دولة، علاوة على كوبا وخطا المغرب في مواجهة مادورو رئيس فينزويلا، الى جانب فشل منارات المغرب على كافة الاصعدة.
هذه الهزائم وهذا التقهقر والفشل الذي وصله المحتل المغرب وجعله يعترف مرغما بعدم سيادته والا حتى ادارته للصحراء الغربية جعله يبحث عما التاثير على المعنويات العامة للمقاومة الوطنية ويشد به انتباه الاشقاء في المغرب، فعاد مجددا لسياسة تبديد اموال المغاربة الفقراء للتضليل الاعلامي الفارغ الاجوف.
فالاعتراف بدولة حسب معاهدة مونتى فيذيو لسنة 1933 " لا يمكن بطلانه وهو بدون شروط". وهذا ما عززته كل المعاهدات الدولية ذات الصلة ووالاتفاقيات المتعلقة بمبادئ القانون الدولى المعتمدة عالميا سواء كان ذالك قبل او بعد قيام هيئة الأمم المتحدة.
ويمكن ان يزول الا في حاتليتن:
1-اختفاء الدولة التي اعترفت.
2-اختفاء الدولة التي تم الإعتراف بها.
كما ان التجارب السابقة اثبت عدم جدوائية هذا النهج الذي لن يجني منه غير المزيد من تبديد اموال المغاربة لاغير، لان كل هذه الدول التي اعترفت جمدت وعادت وجمدت وعادت لان عماد السياسية الخارجية لكافة هذه الدول هو: الدفاع عن حقوق الانسان والمرافعة عن حق الشعوب في تقرير نصيرها، فاتي مرتشي ويجمد وياتي وطني ويفعل لكن مادام الاعتراف سجل لذا الامم المتحدة فكل ذلك يبقى دون قيمة لاسياسية ولاقانونية.

محمد سالم أحمد للعبيد "عربي ECS"