بعد عقدين من حكم العاهل المغربي، هل إعترف القصر بفشله في تسيير شؤون البلد ؟

عبد اللطيف المنوني وعمر عزيمان


نقل الموقع الإخباري المغربي ’’ألف بوست‘‘ تصريحات لإثنين من مستشارو ملك المغرب، أدلو بها إلى وكالة الأنباء الفرنسية ’’فرانس بريس‘‘ حول الوضع الراهن في المغرب بعد 20 سنة من حكم الملك الحالي، وجاء في المقال أنه وفي ظل إهتمام الصحافة الدولية خاصة الوسائط الإعلامية الفرنسية حول كيفية تعاطي حاكم البلد مع الواقع الذي يعيشه المغاربة في إطل إتساع رقعة التفاوت الطبقي وعودة القبضة الأمنية، وغياب إستراتجية إعلامية للفريق الإعلامي الملحق بالقصر، حاول متشارو الملك أن يقدموا صورة معتدلة غير مبالغ فيها حول تقييم فترة حكم محمد السادس.


و نقل الموقع تصريح المستشار المغربي عمر عزيمان، وقوله أن المنجزات التطور الذي شهده المغرب لم يكن كافيا، ولم يضمن إستفادة معظم المواطنين من خيرات البلاد، وبأن ثمار التنمية خلال العشرين سنة الماضية لم يستفد منها الجميع، كما لايزال النظام غير قادر على خلق فرص عمل للشباب ورفع التهميش عن بعض المناطق التي لا تزال تعاني، هذه الحقائق و رغم أنها ظاهرة للعيان إلا أن التصريح بها من قبل شخص مقرب من دائرة الحكم في المغرب، هو سقوط أتوماتيكي لدعاية التنمية البشرية وتوفير حق العمل والعيش الكريم والتقسيم العادل للموارد، التي طالما تغنى بها النظام نفسه والحكومات المتعاقبة والمنتخبين عبر وسائل الإعلام الدولية والرسمية وبعض الوسائط الإعلامية المحسوبة على الأجهزة الأمنية والأحزاب، وفي اللقاءات والإجتماعات مع الهيئات الحقوقية والسياسية خاصة عند الحديث عن الصحراء الغربية وتنميتها، وعن الإستفادة المزعومة لسكانها من عائدات الإتفاقية الإقتصادية والتجارية المبرمة مع الإتحاد الأوروبي التي تحججت بها أوروبا بهدف شرعنة إتفاقيات غير القانونية مع النظام المغربي.

كما نقل الموقع كذلك تصريح المستشار المغربي عبد اللطيف المنوني، قوله ’’أن الإصلاحات الديمقراطية ما يزال مطلوبا ترسيخها‘‘، وكأنه يريد القول أن الوصول إلى نظام ديمقراطي في المغرب لم يتحقق بعد، بل الفشل في (طي صفحة الماضي الدموي، وما يطلق عليه تجربة العدالة الإنتقالية والإصلاحات الديمقراطية وتأسيس لدولة القانون وحقوق الإنسان)، وهي الحقيقة التي لا غبار عليها بالنظر لعدم إستقلالية المؤسسات القضائية والأخرى المعنية بحقوق الإنسان وتورط كل هذه الجهات مع المؤسسات الأمنية وحكومة الظل في التكالب على حقوق الشعب، وحصر مهامها في تزيين صورة الحكم الديكتاتوري المطلق في المغرب أمام المنظمات الدولية وداخل الهيئات الأممية بدل الدفاع عن المظلومين من أبناء الشعبين المغربي والصحراوي ضحايا هذا النظام القائم.


وتحدث عزيمان عمر، عن ’’الأوراش الإقتصادية الكبرى والمشاريع التي أطلقها المغرب في (الطرق، الطرق السيار، الموانئ والمطارات) أو الأخرى المتعلقة بالفلاحة، الصناعة والطاقة البديلة‘‘ وبهذا يتضح أن هوس رأس السلطة بالمال كان هو القاعدة التي تم بناء عليها إطلاق كل هذه الأوراش بالنظر التي ما ستدر من ملايير الدولارات على خزينة الملك لوحده المسيطر على إقتصاد البلد، بحكم أن غالبية الشركات التي تعمل في هذه المجالات أو غيرها تعود ملكيتها للهوليدينغ الملكي، ولا تستفيد منها خزينة الدولة أو الشعب المغربي. 

وعاد المستشار، ليؤكد صحة كل تلك التقارير حول المناورة التي قادها المخزن لإمتصاص غضب المتظاهرين سنة 2011، الذين عبروا عنه خلال المظاهرات الشعبية التي قادتها حركة 20 فبراير، وذلك عبر إعادة صياغة دستور جديد القديم لم يمس من مكانة الملك الحاكم والمسيطر على كل مفاصل الدولة، بالقول ’’كان الملك يحتل مكانة مركزية في الدستور القديم وما يزال كذلك في الدستور الحالي، وهنا تتجلى فكرة الاستمرارية‘‘ مضيفا أن إمكانية تصور ملكية برلمانية في المغرب على النمط الأوروبي مثل إسبانيا أو هولندا حيث يسود الملك دون أن يحكم غير ممكن، بحكم أن الملكية في المغرب هي من نوع أخر، على حد قوله.


الأحزاب السياسية وممثلي الشعب الغائب الحاضر.

يقول المستشار عبد اللطيف المنوني، ’’أن الدستور الجديد القديم يتيح للأحزاب السياسية إمكانيات أكبر لتفرض نفسها مقارنة مع الماضي‘‘ لكن مادام هذه الدستور لم يغير جوهره أو من طريقة تسيير شؤون البلد، وبالتالي فإن الأحزاب السياسة ظلت تراود مكانها بمعنى أخر تسبح بحمد المخزن ولا دورها لها فيما يتعلق بالنهج المتخذ في سياسة المغرب، ما يعني كذلك أن لا صوت للشعب في ما يجري داخل المغرب أو تسيير شؤونه، وهنا تسقط كل إدعاءات التي يسوقها النظام المخزني إلى الأمم المتحدة والمنتظم الدولي في قضية الصحراء الغربية،بالقول أن هذه القضية، قضية شعب وأمر مصيري بالنسبة له، وذلك  طبعا يدخل في إطار محاولات التنصل من الإلتزامات الدولية وإحترام القانوني الدولي وقرارت الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن ذات الصلة بالقضية. 

وللإطلاع على مدى أهمية قضية الصحراء الغربية لدى الشعب المغربي من عدمه،  يمكننا ذلك من خلال الوقوف على الغياب الكبير لصوت ورأي الشعب في القرارات التي إتخذها المغرب منذ حكم الحسن الثاني بما فيها إجتياح الإقليم، حيث لم تتم فيه إستشارة الشعب المغربي، وكذلك خلال التوقيع على إتفاق وقف إطلاق النار مع جبهة البوليساريو والقبول بإجراء إستفتاء تقرير المصير سنة 1991، وهو النفس النهج الذي إتخده الملك الحالي خلال تقديم ما يمسى بمبادرة الحكم الذاتي الموسع، أو عند التوقيع على المثياق التأسيسي للإنضمام إلى الإتحاد الإفريقي الذي يعترف بالجمهورية الصحراوية دولة قائمة بحدودها المعترف بها دوليا، عكس رغبات المملكة المغربية التوسعية التي كانت ولاتزال مشكلا حقيقيا أمام بناء الإتحاد المغاربي، يحقق مستقبلا واعدا للشعوب، ويضمن الأمن والإستقرار للمنطقة وبلدان الجوار.